حكايات أهل الفن

حكاية «مها صبري» مع الفن والنفوذ

ت + ت - الحجم الطبيعي

حلمت الفنانة المصرية «زكية فوزي محمود» الشهيرة باسم «مها صبري»، منذ طفولتها، بأن تصبح فنانة مشهورة، وقد تحقق حلمها سريعاً في عقدي الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، لكنها عانت كثيراً بسبب جمالها الذي وصفه أحد محرري مجلة الكواكب، بأنه يقع في منطقة وسطى بين جمال زميلتيها شادية وصباح من جهة، ومن جهة أخرى بسبب شهرتها كممثلة ومطربة، والتي لئن جلبت لها النفوذ، إلا أنها جلبت لها أيضاً الصدمات والإشاعات والاكتئاب.

حققت مها شهرة سينمائية بدخولها مجال التمثيل، بعد أن اكتشفتها المنتجة ماري كويني في عام 1959، وقدمتها أمام الفنانين الكبيرين رشدي أباظة وشكري سرحان في فيلم «أحلام البنات»، للمخرج يوسف معلوف، كما حققت شهرة غنائية، بعد أن توسط لها الموسيقار الراحل محمد فوزي للغناء في الإذاعة المصرية، لتبرز سريعاً كمطربة، خصوصاً بعد أن قدمت أشهر أغنية رياضية مصرية «فيها غون»، من كلمات سمير محجوب وألحان عبد العظيم محمد، وأشهر أغنية أعراس «ما تزوقيني يا ماما»، من كلمات عبد الرحمن الخميسي وألحان بليغ حمدي، والعديد من الأغاني العاطفية الجميلة، مثل «دق يا قلبي دق»، من كلمات فتحي قورة وألحان فريد الأطرش، و«قد إيه حبيتك انت قد إيه»، من كلمات محمد حلاوة وألحان محمد الموجي، و«يا ناس ياهو»، من كلمات حسين السيد وألحان فريد الأطرش.

ومها، المولودة في 22 مايو 1923 بحي باب الشعرية القاهري، قدمت للسينما المصرية 20 فيلماً، معظمها في حقبة تألقها ما بين عامي 1959 و1966، والقليل منها في عقد السبعينيات، حينما عادت إلى الأضواء بعد غياب.

ولعل أهم أفلامها: «حسن وماريكا» و«عودة الحياة» في 1959، «لقمة العيش» و«حب وحرمان» في 1960، «أنا العدالة» و«حب وعذاب» في 1961، «حكاية غرام» و«حلوة وكذابة» في 1962، «بين القصرين» و«العمر أيام» في 1964، «حكاية العمر كله» في 1965، «السكرية» في 1974، «كباريه الحياة» في 1977، ثم آخر أفلامها، وهو «ياما أنت كريم يا رب» في 1989.

كتب عنها حاتم نعام بجريدة «أخبار اليوم» القاهرية (14/12 / 2023)، فروى قصتها مع المنتج جان خوري، التي عرض عليها أن ينتج لها ثمانية أفلام خلال سنتين، مع أجر مقداره ألف جنيه عن الفيلم الواحد، شريطة أن توقع على عقد احتكاري.

وملخص القصة أن خوري اختلف مع شادية بسبب مطالبة الأخيرة برفع أجرها عن الفيلم الواحد من 2500 جنيه، إلى 4500 جنيه، فكان أن لجأ إلى مها صبري، التي رحبت بعرض 1000 جنيه، لأنها لم تكن تتقاضى عن الفيلم سوى 200 جنيه، واستلمت المبلغ مقدماً، واشترت به في اليوم التالي ثلاجة وسيارة فورد تاونس موديل 1959.

الجزء الأكبر من معاناة مها، التي توفيت في 16 ديسمبر 1989، بعد صراع مع المرض، والوقوع فريسة للدجل والوسواس القهري، كان بسبب زيجاتها الثلاث، وخاصة الأخيرة، حيث إنها تزوجت للمرة الأولى في سن صغيرة من رجل يكبرها في السن، وأنجبت منه ابنها الأول «مصطفى»، قبل أن تنفصل عنه وتتزوج للمرة الثانية من أحد التجار الميسورين، وتنجب منه ابنتيها «نجوى» و«فاتن».

أما زواجها الأخير، فقد كان من اللواء علي شفيق مدير مكتب المشير عبد الحكيم عامر، الذي أعجب بها وعرض عليها الزواج بشرط أن تعتزل الفن فقبلت.

ويقال إن اقترانها برجل متنفذ في العهد الناصري، مثل شفيق منحها نفوذاً كبيراً، إلا أن هذا الارتباط والنفوذ كان وبالاً عليها بعد هزيمة حزيران 1967، التي أعقبها انتحار المشير عامر وتصفية نفوذه ونفوذ رجاله، بدليل أنها لم تتمكن حتى من العودة إلى الغناء والتمثيل، إلا بعد أن توسطت لها السيدة أم كلثوم لدى الرئيس عبد الناصر.

والمعروف أن مها عاشت لبعض الوقت في لندن، برفقة زوجها الأخير علي شفيق، حيث عملت هناك كمغنية في الملاهي الليلية، إلى أن اغتيل شفيق في شقته في يوليو 1977، فعادت إلى مصر.

 

Email