غاليليو.. والظفر بضربة العمر

ت + ت - الحجم الطبيعي

إن متابعة الحال المحرجة لـ (غاليليو) العالم الإيطالي الشهير (1642-1564). ينتهي المرء إلى أن: أي مبتكر أو مبدع يخدع نفسه، إذا اقتنع أن بإمكانه التفرّغ لابتكاراته أو كتاباته الإبداعية، من دون أن يحصل على دخل مالي ثابت، حتى وإن كان بسيطاً، يوفر له قوت قلمه.

كان هذا شأن علماء عصر النهضة جميعاً في القرون

(-14 17)، إذ كانوا يهدون اختراعاتهم وإبداعاتهم للقياديين، ممن يعملون تحت رعاياتهم وقتذاك، فعلى سبيل المثال، أهدى غاليليو ذات مرة بوصلة عسكرية اخترعها، إلى دوق (غوانزاكا) الإيطالية. ثم أهدى كتابها (الكتالوج) الشارح لاستخدامها إلى عائلة (مديتشي). وكان كلا الحاكمين ممتنّين، فمن خلالهما تمكن غاليليو من زيادة عدد الطلاب لديه.

لكن المشكلة الكأداء بالنسبة له، كانت أن الهدايا عينية لا نقدية. ما جعل حياته شعوراً مستمراً بانعدام الأمان.

في سنة (1610)، تكشفت لغاليليو خطة، فبعد أن اكتشف أقمار كوكب المشتري، قرر، بدلاً من تقسيم اكتشافه بين رعاته المتعددين، أهدى المجهر الفضائي لواحد منهم، وأهدى الكتاب المفصّل لآل مديتشي.

وكان لاختياره لهم والتركيز عليهم سبب واحد، هو أن مؤسس العائلة، ويدعى (كوزيمو الأول - 1540)، قد جعل المشتري رمزاً لآل مديتشي، يتجاوز به السياسة والصيرفة، لاتصاله بروما القديمة وآلهتها. فقام غاليليو بتحويل اكتشافه لأقمار المشتري إلى حدث كونيّ، لتكريم عظمة آل مديتشي.

فأعلن أن (النجوم الساطعة - أقمار المشتري - قدمت نفسها في السماوات إلى مجهره الفضائي، في الوقت نفسه الذي شهد تتويج كوزيمو الثاني. وأن عدد الأقمار الأربعة في فلك المشتري، يضاهي عدد آل مديتشي. والأقمار تدور حول المشتري، كما الأبناء الأربعة يدورون حول مؤسس السلالة كوزيمو الأول). وزعم بأن السماوات بهذا تعكس صعود نجم آل مديتشي.

وبعد إهداء غاليليو اكتشافه لآل مديتشي، قامت العائلة بجعله عالمِاً رسمياً يتبع البلاط براتب كامل. وتلك كانت ضربة العمر لديه، قطع بها دابر المِنن.

 

Email