هل نعرف القراءة؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

هناك اعتقاد على نطاق واسع أننا ننطلق في القراءة منذ أن بدأنا في تعلم وحفظ حروف الأبجدية، وفي ظني هذا اعتقاد خاطئ، ذلك أن الذي أقصده في هذا السياق هي القراءة المعرفية التي تضيف لنا تجارب وخبرات حياتية كبيرة، ففي الكتب خبرات الشعوب وعقول العلماء والفلاسفة، وهي بحق معارف ثرية وعظيمة بين أيدينا دون أي عوائق أو عقبات، وكل ما علينا هو أن نغوص في عمقها ونحاول استخراج كنوزها.. لا تصدق أن مؤلفاً يظل شهوراً طويلة ليكتب وينشر كتاباً، لن تجد فيه فائدة تذكر، بل بالعكس كل مؤلف يحرص تماماً أن يكون كتابه مفيداً وثرياً للقارئ.

رغم هذا فإننا نرتكب جملة من الأخطاء عند القراءة بل نحن لا نفهم الطريقة المثلى لاختيار الكتاب ومن ثم معرفة إذا كان يستهوينا، فالذي يحدث أننا نختار كتاباً لا يتوافق مع مزاجنا، وبالتالي فإننا لن نكمل القراءة، وهذا يجعلنا نخسر مادياً فضلاً عن الصدمة التي قد تمنعنا من شراء أي كتاب آخر.

هناك فنون وطريقة عند التوجه لشراء كتاب، حيث ينصح أن تبدأ بالغلاف أولاً، حيث العنوان واسم المؤلف، ثم الغلاف الأخير وتقرأ ما كتب بتمعن، واقرأ الفهرس لتطلع على معلومات الكتاب والمواضيع التي يناقشها وإذا كانت تستهويك ومن لب اهتماماتك أم لا، حاول أن تقرأ المقدمة من الكتاب والخاتمة، لأنها ستعطيك انطباعاً إذا كان الكتاب سيخدمك وتحتاجه، كذلك ينصح أن تقرأ أولى الفقرات وآخرها من كل فصل، وهناك كتب إبداعية ـ غير علمية ـ يبقى التذوق هو الخيار المهم ـ وأقصد التذوق الأدبي، بمعنى مدى ملامستها لنفسك وتأثيرها في وجدانك، وهذا لن يحدث إلا إذا تصفحت ولو بشكل سريع عدداً من النصوص في الكتاب.

نعود لطبيعة القراءة وكيفيتها، وكما هو معروف تبقى عملية مهمة جداً، فليس كل ما نقرأ هو في الحقيقة الطريقة المثلى والصحيحة، وإن كان كما يقال إن القراءة تعني معرفة هجاء الكلمة ونطقها، إلا أن هذا يعد عند البعض القراءة السطحية إذا صح التعبير، حيث إن هناك القراءة العميقة، وهي تحتاج أن نتعلم على التصميم والجدية فضلاً عن التركيز الذهني والانتباه، بغض النظر أن تكون المادة مملة أو ممتعة، ولتنمية حسنا في القراءة المفيدة الثرية يجب أن نتعلم على الاستمرارية والتحسين المستمر، ولنسأل أنفسنا كم مرة ونحن نقرأ، تذهب صفحة واثنتان، ثم نكتشف أننا كنا فعلاً نقرأ كحروف لكن عقولنا كانت تفكر في أمر آخر، هذا يسمى تضييع وقت، ارجع للقراءة وأنت أكثر تركيزاً، واختر الكتاب كما تختار وجبة غداء شهية، ولا تستعجل أن تنهي الكتاب الذي بين يديك، وتذكر أن الكتاب الجيد هو الذي تشعر بالحزن عندما تنهي قراءته.

Email