حكايات أهل الفن

قصة جاك نيكلسون ومشواره في هوليوود

ت + ت - الحجم الطبيعي

كثيرون من عشاق الفن السابع ومحبي أفلام هوليوود يعرفون الممثل والمنتج والمخرج السينمائي الأمريكي الفذ «جاك نيكلسون» المولود عام 1937 بنيويورك، لكنهم ربما لا يعرفون سوى القليل عنه.

فهذا الذي بدأ مشواره الطويل، الذي أثمر حتى الآن عن أكثر من 60 فيلماً من أروع ما قدمته استوديوهات هوليوود منذ سبعينات القرن العشرين، في سن السابعة عشرة كساعٍ في قسم الرسوم المتحركة باستوديو مترو غولدين ماير صار اليوم واحداً من أشهر نجوم السينما في العالم ومن أكثرهم ثراء وحصداً لجوائز الأوسكار.

لم يكن نجاحه وبروزه المدهش من خلال الواسطة أو التزكية أو توصية الأهل والأقارب من المنتجين والمخرجين، وإنما من خلال الكد والمثابرة والصبر، معطوفاً على مواهبه الخاصة في تقمص مختلف الأدوار ببراعة فائقة وقدراته الذاتية في الهيمنة على مشاعر الجمهور دون تكلف، فقد قام بتقديم الشخصيات غير التقليدية الغريبة الأطوار، ولعب الأدوار المظلمة مثل أدوار الشر والمرضى النفسيين والمتمردين ضد المجتمع، وكسر القاعدة القائلة إن نجاح أي فيلم جماهيرياً يعتمد على وسامة بطله.

ولعل ما يؤكد براعته هو أنه رشح لما مجموعه 115 جائزة سينمائية وفاز بثمانٍ وستين منها. ورشح لجائزة الكرات الذهبية 18 مرة وفاز بها سبع مرات، واحتل المركز الأول في الفوز بجوائز الجمعية القومية لنقاد السينما الأمريكيين (خمس مرات)، وبجوائز رابطة نقاد نيويورك (ست مرات) وبجوائز المجلس القومي الأمريكي لاستعراض الأفلام السينمائية (ست مرات).

ناهيك عن حصوله على جائزة الأوسكار ثلاث مرات وعلى جائزة الإنجازات الفنية لمدى الحياة من مركز كينيدي للفنون الأدائية بواشنطن، علاوة على جائزة من معهد الأفلام الأمريكي، وجائزتين من مهرجاني كان وموسكو السينمائيين.

ونيكلسون، الذي تكفي ابتسامته الماكرة ونظراته الساخرة للإيحاء بألف مشهد وعبارة، أمضى عشر سنوات في أداء الأدوار المغمورة في سلسلة من أفلام الرعب قليلة التكاليف مثل فيلمه الأول (The Cry Baby Killer) عام 1958، وقبله ظهر في العديد من المسلسلات والمسرحيات العادية، إلى أن تبسم له الحظ في عام 1969 حينما اختير ليحل محل الممثل «ريب تورن» في أداء دور محام بوهيمي هائم على وجهه مع الممثلين «بيتر فوندا» و«دنيس هوبر» في الفيلم المتميز (Easy Rider).

هذا الفيلم المختلف في شكله ومضمونه عن أفلام هوليوود الأخرى، والذي نجح فنياً وتجارياً على الرغم من ميزانيته المتواضعة، وشكل نقطة تحول مهمة في حياة نيكلسون، خصوصاً وأن الفيلم تم ترشيحه لنيل الأوسكار، تماماً كما حدث مع فيلمه التالي (خمس قطع سهلة Five Easy Pieces) في عام 1970.

من ضمن ما قدمه للسينما العالمية وحصد من ورائه الجوائز والتقديرات: فيلم (Last Detail) سنة 1973 والذي منح بسببه جائزة أفضل ممثل في مهرجان كان، وفيلم (Chinatown) سنة 1974 للمخرج رومان بولانسكي والذي حصد من ورائه جائزة الكرة الذهبية لأفضل أداء، وفيلم (طائر فوق عش الوقواق) عام 1975 وهو الفيلم الذي اعتبر الأفضل خلال تلك السنة ونال بسببه جائزة الأوسكار للمرة الأولى. ثم توالت أفلامه ومنها ما هو مخلد في ذاكرة الجمهور ومصنف من قبل النقاد العالميين كأيقونات في عالم السينما العالمية مثل:

المعرفة الجنسية/1971، البريق/1980، ساعي البريد يدق الجرس دائماً مرتين/1981، شروط المحبة/1983 (حصل بسببه على جائزة الأوسكار للمرة الثانية)، شـرف بـرايزز/1985، بضعة رجال طيبين/1992، أفضل ما يمكن حصوله/1997 (حصل من ورائه على جائزة الأوسكار للمرة الثالثة) التعهد/2001، حول شميدت/2002، الراحلون/2006، قائمة الدلو/2007، كيف تعرف/2010.

ومما يحكى عنه أن تميز بعقلية تجارية كانت وراء حصوله على أضعاف أجره السينمائي، من ذلك أنه لاحظ أثناء تصوير فيلم «الرجل الوطواط» عام 1989 أن الشركة المنتجة قلقة وخائفة من تعرض الفيلم للخسارة بعد أن استثمرت فيه نحو 35 مليون دولار، فعرض عليها أن يتنازل عن أجره البالغ 5 ملايين دولار مقابل حصوله على نسبة مئوية من الإيرادات. وما حدث بعد ذلك هو أن الفيلم نجح نجاحاً مذهلاً وحقق إيرادات بلغت 411 مليون دولار كان نصيب نيكلسون منها 65 مليون دولار.

Email