الاتحاد تضحية وإنجاز وفخر

ت + ت - الحجم الطبيعي

الوحدة والتلاحم من أهم القيم الأساسية التي تحتاجها المجتمعات، ويسعى لها الحكماء في كل زمان ومكان، لما لها من عظيم الأثر في بناء الدول والحضارات، وإرساء دعائم الأمن والاستقرار فيها، وتحقيق التآلف والوئام والسلام بين أبنائها، فيعيش الجميع في بيت متوحد وكالجسد الواحد، آمنين مطمئنين، يبنون وطنهم، ويسهرون على أمنه، ويسعون لازدهاره، ويحشدون طاقاتهم وجهودهم تحت راية واحدة ورؤية متوحدة لبناء حاضر متألق ومستقبل مشرق.

لقد تحقق هذا الحلم المزهر في دولة الإمارات في الثاني من ديسمبر عام 1971، على يد القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وإخوانه القادة المؤسسين، تحقق هذا الحلم الوطني بعد أن بذلوا الغالي والنفيس، وسهروا الليالي والأيام، وقدموا التضحيات الكبيرة، وكانوا نموذجاً في التفاني والعطاء، واجهوا التحديات بكل اقتدار، وتغلبوا على الصعاب بالتوكل والأمل والتفاؤل والتخطيط والإقدام، ليعطوا للأجيال دروساً مشرقة في هذه القيم، ويرفعوا رايات العزيمة والإصرار والصلابة في مواجهة التحديات، وفي هذا الصدد قال الشيخ زايد، طيب الله ثراه: «إن الناس كانوا يكلمونني ويتحدثون عن أن الاتحاد لن ينجح وسيتزعزع، ولكني قلت لهم: إن الله سبحانه وتعالى إذا أراد للاتحاد أن ينجح فسوف ينجح»، لتصبح قيمة التضحية والصبر والحكمة وبُعد النظر وتغليب المصالح العليا من أجل الوطن حاضرة في وجدان كل فرد من أبنائه، وبهذه القيم استطاع المجتمع الإماراتي مواجهة مختلف التحديات والمصاعب، حتى أن عجلة التنمية والإنجازات لم تتوقف لحظة واحدة في أوج أزمة كورونا، التي أوقفت حركة العالم، وعانت بسببها دول ومجتمعات، وكان لدولة الإمارات شأن آخر، فحولت التحديات إلى فرص ونجاحات.

نعم، لقد تمكن القادة المؤسسون بفضل الله تعالى من توحيد البلاد تحت راية واحدة، راية الاتحاد، ليكون هذا الحدث الوحدوي لحظة تاريخية فارقة بكل المقاييس، لحظة ميلاد دولة الإمارات العربية المتحدة، التي تسطع شمسها في سماء العالم، لتشق طريقها نحو تغيير شامل في شتى مناحي الحياة، بما يحقق الرخاء والازدهار والحياة الكريمة لكل من يعيش على أرضها، وفي غضون سنوات قليلة غدت دولة الإمارات في مصاف الدول الحديثة، وزخرت سجلها الحافل بالإنجازات العظيمة، وفي كل خطوة رفعت شعار: لا صوت يعلو فوق صوت الإنجاز.

ثم سلم القادة المؤسسون الراية لمن بعدهم، فأكملت دولة الإمارات مسيرتها النهضوية على يد قادة نابغين ملهمين لا يعرفون المستحيل، وها هي تحصد الإنجازات تلو الإنجازات بقيادة سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، حتى سطرت أمجادها في الفضاء عبر المركبات الفضائية ورواد الفضاء الإماراتيين، لتعطي دولة الإمارات للعالم نموذجاً مضيئاً في العمل والعطاء والإنجاز، وتؤكد أن التقدم الحقيقي في التنمية والازدهار وزرع السعادة في نفوس الناس، لتكون دولة الإمارات بذلك من أسعد الأوطان، وبفضل ذلك أضحت مركزاً عالمياً، ووجهة يقصدها الناس من شتى بقاع الأرض، ليتنعموا فيها بالحياة الكريمة.

إن كل هذه الإنجازات التي انبثقت لحظتها الأولى منذ فجر الاتحاد هي موضع فخر واعتزاز، وهي من أعظم النعم التي تقتضي شكر المولى جل في علاه، والناظر فيما يجري في العالم من مآسٍ وكوارث يدرك حجم ما هو فيه من النعم التي لا تقدر بثمن، نعمة الوطن الاستثنائي والقيادة الحكيمة والتلاحم والأمن والاستقرار ومقومات الحياة الكريمة بكل ما في هذه الكلمة من معنى، ومن واجب الجميع المحافظة على هذه النعم، وغرس قيمها في نفوس الأبناء والبنات، لينشؤوا على الاعتزاز بوحدتهم وتلاحمهم، والتمسك بقيمهم الأصيلة، وينطلقوا في ميادين المواهب والإبداعات ليقدموا أرقى مثال عن المواطنة الصالحة الإيجابية.

واليوم وبعد مرور 52 عاماً على قيام الاتحاد، تقف دولة الإمارات شامخة، تحصد الإنجازات المتوالية في شتى المجالات، وقطار التطور والازدهار لا يتوقف، فلا يمر وقت إلا ونسمع عن إنجاز جديد بحمد الله تعالى، وبهذه المناسبة نجدد العهد على المضي خلف قيادتنا، متلاحمين متكاتفين، متمسكين بوحدتنا، ماضين لتحقيق كل ما فيه رفعة وطننا وازدهار مجتمعنا.

Email