عاش اتحاد إماراتنا

ت + ت - الحجم الطبيعي

الوطن هو الحياة، وعندما أقول الحياة فأنا أعني هذه الكلمة تماماً بكل أبعادها وعمقها وأهميتها، لأن الإنسان دون هذه المساحة الجغرافية والمكانية التي تكون على الخريطة وتكون في القلب لا يعيش ولا يعرف الحياة.

قيمة الوطن لا تتأثر بحجمه، صغر أم كبر، ولا بكنوزه كثيرة كانت أو تدنت، ولا ما في باطن أرضه من غلال وذهب، بل قيمته تفوق حتى جباله وسهوله، فهناك من لهم أوطان جدباء أو أرض قاحلة أو بيئة قاسية، ورغم هذا تم الالتصاق بها بحب وصبر وولاء.

البعض قد يعتقد في كلماتي مثالية عظيمة وشعارات براقة، وأقول إطلاقاً، اسألوا من اكتوت أرضهم بالاحتلال، ومن دمرت قراهم بسبب الحروب والعنف، بل انظروا للكثير من شعوب الأرض التي تعيش على أراضٍ قاسية بكل ما تعني الكلمة، إنه الوطن مهما كان جوه ومهما كانت أراضيه قاسية ومهما كانت بيئته عنيفة ومتجمدة، يبقى حبه والولاء له.

 الوطن في معانيه أكبر من أي قيمة مادية، وهو أسمى من أي معيار، وأعظم من أي تفضيلات وتشبيهات، نحن نحب أوطاننا كما هي، لا كما نريد، وفي اعتقادي أن هذا نوع من أنواع الوطنية الحقة، أن تحب وطنك بغض النظر عن مكانتك ووضعك وحالتك، أن تعشق ترابه وسماءه وسهوله وجباله، دون أي شروط أو تحفظات، الوطنية تعني انتماءك التام والواضح والإخلاص المطلق، الذي لا يقبل تشكيكاً أو تفسيراً.. تداعت لذهني وعقلي وقلبي، هذه الكلمات، ونحن نعيش هذه الأيام التي نحتفل فيها بعيد اتحادنا.. البعض منا في هذه المناسبة يستذكر ما قدمه الوطن من كل هذا الخير والرخاء، لا ما قدم وما بذل من أجل الوطن، وهنا المفارقة العجيبة والكبيرة، وهنا الخطأ الذي يقع فيه البعض، ويجب تصحيحه، الوطن يعني التضحية، وهي دروس نهلناها وتعلمناها من شهدائنا الأبرار، لأن أجل وأعظم قيم الوطنية كانت ماثلة في تلك الفئة، التي صدقت ما عاهدت الله عليه، فقدمت الروح فداء للوطن.

هذه المناسبة أيضاً فيها فرصة ثمينة وعظيمة للترحم على قادتنا وشيوخنا الذين قادوا وأسسوا لهذه البلاد، تمر علينا هذه الذكرى وبلادنا الحبيبة قدمت لأبنائها الكثير جداً من الخير والرفاه، وأيضاً لكل شعوب الأرض، وكانت الحضن والمكان الذي نشر قيم التسامح والمحبة.. لقد منحنا الوطن كل شيء وأخرج كنوزه لنا، ولم يبخل على إنسان هذه الأرض، ويبقى الدور علينا نحن أبناء الإمارات في العمل المتواصل والتطوير لبناء نهضة حضارية عظيمة، ولتكن مثل هذه الذكرى ناقوساً يدق كلما نسي القلب وخفت الحماس أو تسرب التواني للقلب.. عاش اتحاد إماراتنا.

Email