حكايات أهل الفن

حكاية عبدالوهاب مع ليلى مراد

ت + ت - الحجم الطبيعي

الفنانة الكبيرة ليلى مراد، ابنة الموسيقار زكي مراد وشقيقة الملحن الموهوب منير مراد المولودة في 17 فبراير 1918 والمتوفية بتاريخ 15 نوفمبر 1995، التي تنتمي إلى أسرة يهودية من أصول مغربية، لكنها عاشت وتألقت في مصر وأصبحت مصرية واعتنقت الإسلام، لها قصة مع الموسيقار محمد عبدالوهاب، رواها سعد الدين وهبة في كتابه «النهر الخالد» بعد حوار طويل مع موسيقار الأجيال الذي اكتشفها وكان سبباً في بروزها على الساحة الفنية منذ أربعينات القرن العشرين كصوت من أرق الأصوات في الأغنية الاستعراضية.

يقول عبدالوهاب أن علاقته بليلى مراد بدأت حينما طلب منه والدها أن يسمعها، فلما زار بيته بالعباسية لسماع ابنته وجد أنها، إضافة إلى عزفها الجيد على البيانو، تملك صوتاً ذا نبرة حادة وحنجرة شديدة الإحساس بالألم الصادق.

ويعترف عبدالوهاب، المشهور ببخله وحرصه على المال، أنه تجاوز ذلك من أجل موهبتها الفذة فقرر أن يعمل لها حفلاً على حسابه في تياترو رمسيس كي يبهر الجمهور. وبالفعل غنت ليلى في الحفل أغنية «قمر الليالي» من ألحان داوود حسني، وأغنية «خايف أقول اللي في قلبي» من ألحان عبد الوهاب، لكنها لم تحقق النجاح المطلوب بسبب اضطرابها وخوفها من الجمهور.

وهنا قرر عبدالوهاب أن يحررها من خوفها، عن طريق إشراكها في فيلمه «يحيا الحب»، حيث رهبة الوقوف أمام الكاميرا أقل بكثير من رهبة الوقوف على المسرح أمام الجمهور. وهكذا مثلت ليلى الفيلم كبطلة أمام عبدالوهاب وغنت فيه 3 أغاني نجحت في أدائها دون خوف.

وبعد نجاح الفيلم انطلقت ليلى تصدح بصوتها الرائع في مجموعة من الأعمال الاستعراضية مع كبار نجوم زمنها، بل تخلصت من الخوف نهائياً بدليل ظهورها سنة 1948 في فيلم «عنبر» لأنور وجدي والذي غنت فيه أوبريت «اللي يقدر على قلبي» بمشاركة محمود شكوكو وإلياس مؤدب وعزيز عثمان من كلمات حسين السيد وألحان محمد عبدالوهاب، ثم ظهورها في فيلم «غزل البنات» الخالد سنة 1949 من إنتاج عبدالوهاب وأنور وجدي، والذي غنت فيه ليلى مجموعة من أجمل أغانيها السريعة (الحب جميل، اتمخطري يا خيل، الدنيا غنوة، مليش أمل، أبجد هوز، عيني بترف)، بل غنى فيه عبد الوهاب أيضاً أغنيته الجميلة «عاشق الروح».

من جهة أخرى تعلقت ليلى بمكتشفها الموسيقار الذي كان وقتها معبود الفتيات، وصارحته بمشاعرها لكنه صدمها وأنبها أمام مجموعة من الناس. وملخص القصة أنها حينما ذهبت مع عبدالوهاب إلى الإسكندرية لتصوير مشاهد فيلم «يحيا الحب»، فاتحت الأخير لأول مرة بحبها له قائلة: «اسمع يا أستاذ عبد الوهاب، أنا عايزة أقول لك حاجة شاغلاني بقالها شهور.. أنا بحبك قوي يا أستاذ».

فالتفت عبد الوهاب إليها بهدوء، وهو يضع ساقاً فوق أخرى، وانتظرها لتتم كلامها. فلما انتهت ضحك عبد الوهاب، فغرقت ليلى خجلاً، وقالت: «معناها إيه الضحكة دي يا أستاذ.. أنا بتكلم جد، أنا بحبك من زمان، ودلوقت بحبك أكثر».

وهنا اختفت ضحكة عبدالوهاب، ليحل محلها الغضب، وليتم تلقينها أول درس قاسٍ في حياتها وذلك حينما قال لها عبدالوهاب: «دي قلة أدب... إزاي تتجرئي وتقولي لي كده يا ليلى». بلعت ليلى الطعنة وقاومت مشاعرها بصعوبة واستعدت لمواصلة التمثيل أمام من خذلها، بل والتغزل به من خلال أغنية «يا ما أرق النسيم» المقررة في الفيلم.

وعلى الرغم من مرور سنوات طويلة على هذه القصة، وانشغال طرفيها في الزواج والإنجاب والطلاق، إلا أن ليلى لم تنس حبها لعبدالوهاب. فقد ذكرت في شريط مسجل معها، قبل وفاتها بأشهر قليلة، ولم يذع إلا بعد الوفاة، أنها أحبت عبدالوهاب طيلة حياتها، وأنها ستظل تحبه حتى آخر يوم من عمرها. وفي هذا الشريط تقول ليلى مراد، إنها مدينة له بالكثير، وإن ثلاثة أرباع أغانيها من تلحينه.

 

Email