حكايات أهل الفن

حكـاية وفاة «ملك المواويل» محمد عبدالمطلب

ت + ت - الحجم الطبيعي

إن كان هناك مطرب خلدته الذاكرة الشعبية المصرية العريضة، عدا سيد درويش، فهو من دون أدنى شك الفنان الشعبي «محمد عبدالمطلب عبدالعزيز الأحمر» الشهير بمحمد عبدالمطلب أو «طلب»، صاحب لقب «ملك المواويل».

أدى عبدالمطلب العديد من الأغاني الجميلة التي لا تزال مطلوبة حتى اليوم وتعيش بيننا ويعشقها ملايين العرب. وكانت بدايته مع أغنية «بتسأليني بحبك ليه» التي كانت سبباً في شهرته وهي من كلمات محمد عثمان خليفة، وألحان عديله الموسيقار محمود الشريف الذي لحن له أيضاً أغاني كثيرة وأهمها: «السبت فات»، و«بياع الهوى»، و«يا أهل المحبة»، و«ودع هواك»، و«ما بيسألش علي أبدا»، أما أغانيه الشهيرة الأخرى فقد كانت من ألحان محمد فوزي «ساكن في حي السيدة»، ورياض السنباطي «دي ليلة بيضا»، ومحمود كامل «تسلم إيدين اللي اشترى»، وعزت الجاهلي «حبيتك وبحبك»، وسيد مكاوي «قلت لأبوكي» و«اسأل مرة عليَ»، وعبدالرؤوف عيسى «يا حاسدين الناس»، وكمال الطويل «الناس المغرمين»، ومحمد الموجي «اعطف يا جميل»، ناهيك عن أغنيته الرمضانية الخالدة «رمضان جانا» من ألحان محمود الشريف وكلمات حسن طنطاوي.

ولد عبدالمطلب في 13 أغسطس من سنة 1910 في «شبراخيت» بمحافظة الجيزة القاهرية، ابناً خامساً من بين سبعة أبناء لوالده التاجر البسيط عبدالعزيز الأحمر، ولم يلتحق بالتعليم النظامي ولكنه حفظ القرآن ورتله ثم صار مولعاً بترديد الأغاني التي كان يسمعها في المقاهي الشعبية، وحينما شبّ عمل مغنياً في مسرح بديعة المصابني في سنة 1932 وكازينو الراقصة فتحية محمود بالإسكندرية، وتعرف إلى داوود حسني والموسيقار محمد عبدالوهاب فعينه الأخير ضمن كورس فرقته فشارك مردداً في أغانٍ وهابية مثل «أحب أشوفك كل يوم» و«بلبل حيران»، وقدم مسرحية «يا حبيبتي يا مصر» في سنة 1971، ومسلسل «بنت الحتة» في سنة 1964.

وما بين 1939 و1945 شارك في 25 فيلماً بالتمثيل أو الغناء أو كليهما متقمصاً في معظمها دور مغنٍ في الأفراح، ومن بين هذه الأفلام فيلمان من إنتاجه وهما «الصيت ولا الغنى» في سنة 1946 للمخرج حسن الإمام و«5 شارع الحبايب» في سنة 1971 للمخرج سيد بدير، وفيلم واحد في سنة 1945 ومن إنتاج محمد عبدالوهاب وهو فيلم «تاكسي حنطور» للمخرج أحمد بدرخان، وتتلمذ على يديه شفيق جلال ومحمد رشدي ومحمد العزبي.

وتزوج عبدالمطلب ثلاث مرات: من شوشو عزالدين التي أنجبت له نور وبهاء ثم من الراقصة نرجس شوقي ثم من كريمة عبدالعزيز التي رزق منها بانتصار وسامية أما وفاته فقد كانت في 21 أغسطس من سنة 1980، ولها قصة مأساوية سردها ابنه نور، ومفادها أن الرجل لم يقتله سوى الحزن على ابنته انتصار ذات الجمال والخفة والتي كانت قريبة جداً إلى قلبه وكان يدلعها باسم «توتو»، والتي توفيت وهي في بداية العشرينيات من عمرها بسبب تناولها حبوب التخسيس.

وشكل وفاة انتصار المفاجئة قبل أسبوع واحد فقط من زواجها جرحاً دامياً في قلب والدها، بعدما كانت شمعة تضيء حياته وتدخل الفرح والبهجة قلبه، فلم يطق الحياة من بعدها، وتكالبت عليه الأمراض وغلبه الحزن والأسى، إلى درجة أن شكله تغير كمن أضاف إلى عمره 20 سنة، فلحقها بعد عدة أشهر جراء أزمة قلبية، تاركاً خلفه إرثاً فنياً كبيراً ونحو ألف أغنية متنوعة.

ويذكر أن عبدالحليم حافظ كان من أشد المعجبين بصوت وأداء عبدالمطلب، فسجل عنه قوله إنه لا يطرب إلا لأعمال عبدالمطلب الغنائية، كما روي أنه كان يمازحه فيقول له: «إزاي تمشي من السيدة للحسين مرتين في اليوم عشان تقابل حبيبك؟ ده بعيد خالص.. ما تخليها مرة واحدة»، وذلك في إشارة إلى أغنية عبدالمطلب الخالدة التي يقول فيها: «ساكن في حي السيدة وحبيبي ساكن في الحسين/ وعشان أنول الرضا يوماتي أروح له مرتين».

Email