حكايات أهل الفن

العمارة التي صُوّرت فيها مشاهد من «الوسادة الخالية»

ت + ت - الحجم الطبيعي

في عام 1957 انتهى المخرج الكبير صلاح أبوسيف من إخراج فيلم «الوسادة الخالية» عن رواية تحمل الاسم نفسه لإحسان عبد القدوس مع سيناريو وحوار كتبه الفنان القدير سيد بدير، عرض الفيلم في مصر لأول مرة في 3 أكتوبر 1957 من خلال سينما ريكس بالقاهرة، فنجح نجاحاً منقطع النظير لأسباب كثيرة منها قيام عبد الحليم حافظ بدور البطولة أمام الوجه الجديد لبنى عبد العزيز، وحشد بعض الأسماء الفنية الكبيرة في الفيلم مثل أحمد رمزي وعبد المنعم إبراهيم وعبد الوارث عسر وزهرة العلا، وأداء عبد الحليم لمجموعة من أغانيه العاطفية الجميلة مثل: «مشغول وحياتك مشغول» و«في يوم من الأيام» و«تخونوه» و«أول مرة تحب يا قلبي»، ناهيك عن قصة العمل الرومانسية المجسدة للحب الأول ولوعاته في حياة الإنسان، ومدى ما يكابده من آلام ومتاعب وصراعات نفسية للوصول إلى محبوبته وتحقيق حلم الزواج بها في مجتمع لا يعترف بالحب أو على الأقل لا يسمح به علناً.

وعلى الرغم من أن كاتب القصة وصف الحب الأول بأنه وهم كبير، بمعنى أن الحب الحقيقي هو ذلك الذي يأتي بعد نضوج المرء فكرياً واستقراره نفسياً، فإن الكثيرين خالفوه الرأي وأكدوا أن الحب الأول يظل حقيقة ويبقى مدفوناً في دواخل الإنسان مهما تقادم الزمن.

تم تصوير الفيلم في عمارة أنيقة بشارع غرناطة في حي مصر الجديدة، وهذه العمارة لا تزال قائمة لكن شكلها تغير كثيراً عما شاهدناه في الفيلم. إذ اختفت بلكوناتها الجميلة وأصبحت جدرانها وأسطحها مشوهة بالصحون اللاقطة وأجهزة التكييف.

في هذه العمارة كانت تسكن سميحة (لبنى عبد العزيز) الفتاة المراهقة مع والدها إبراهيم حشمت ووالدتها عزيزة حلمي، وفيها كانت تقف في البلكونة الواسعة يومياً انتظاراً لمرور حبيها صلاح (عبد الحليم حافظ) طالب الثانوية المغرم، فما أن تراه قادماً من الشارع المقابل حتى تلوح له وتهبط مسرعة لمقابلته.

وهذا يقودنا إلى حقيقة مفادها أن الترويج والتوثيق لأماكن تصوير الأفلام القديمة في الزمن الجميل، صار في الغرب من ضمن المشاريع السياحية التي تستقطب الكثيرين ممن يعشقون زيارة تلك الأماكن على الطبيعة بعد أن شاهدوها في الأفلام السينمائية، بدليل أن الأماكن التي صورت فيها أفلام جيمس بوند وسلسلة «هاري بوتر» مثلاً تحولت اليوم إلى مزار سياحي.

وقد شجعت الفكرة بعض طلبة كلية الإعلام بجامعة القاهرة على أن يتخذوا منها مدخلاً لمشاريع التخرج، خصوصاً وأن المباني والأماكن التي ظهرت في الأفلام السينمائية المصرية في كل من القاهرة والإسكندرية كثيرة وأغلبها موجود إلى اليوم مع استثناءات قليلة، ومنها بوابات وقاعات وحديقة جامعة القاهرة التي صورت فيها مشاهد من فيلم «أيام وليالي» و«الباب المفتوح» وأفلام كثيرة أخرى، وشارع الأهرام بمصر الجديدة الذي جرى فيه تصوير فيلم «لصوص لكن ظرفاء»، و«زقاق المدق» في شارع المعز لدين الله الفاطمي الذي كان مركز تصوير فيلم «زقاق المدق».

و«جنينة الأسماك» التي جرى فيها تصوير العديد من مشاهد اللقاءات بين العشاق من أبطال الأفلام القديمة، و«نادي الجزيرة» بحي الزمالك القاهري الذي تأسس عام 1882 وكان مكاناً للقاءات بطلي فيلم «بين الأطلال» (فاتن حمامة وعماد حمدي)، والقناطر الخيرية التي صورت فيها مشاهد سينمائية كثيرة، وحدائق وشاطئ المنتزه بالإسكندرية التي شهدت تصوير أفلام «أبي فوق الشجرة» و«ليلة بكى فيها القمر» و«الأيدي الناعمة» مثلاً، وفندق ميرامار على شاطئ الشاطبي الذي بناه المعماري الإيطالي المصري «جياكومو أليسندرو» عام 1926 وصورت فيه وفي المقهى الواقع تحته مشاهد من فيلم «ميرامار»، علاوة على عمارة الفقي، وعمارة راقودة بشاطئ الشاطبي.

إلى ذلك هناك مدينة الفيوم بطبيعتها الريفية وسواقيها وبحيرتها الشهيرة (بحيرة قارون) والتي كانت مسرحاً لتصوير أكثر من 80 فيلماً من بينها على سبيل المثال «دعاء الكروان»، و«الحرام»، و«حسن ونعيمة»، و«موعد مع السعادة»، و«الأرض»، و«مع الذكريات» و«إلحقوني بالمأذون».

 

Email