بحلول عام 2030 سوف يستقل كثير من الركاب في بريطانيا سيارات خالية من هدير المكائن، وصديقة للبيئة؛ لأنها تعمل على الكهرباء EVs.

هذه ليست رفاهية، بل محاولة جادة من سكان الكوكب لتخفيض الانبعاثات الضارة؛ ذلك أن الغازات الدفيئة GhG التي تعم الغلاف الجوي تمتص (على مدار الساعة) الأشعة تحت الحمراء التي تنبعث من أرضنا ثم تعيد إرسالها، الأمر الذي يرفع درجة حرارة الهواء، فتقل فرص تسرب الحرارة المتراكمة حولنا إلى الفضاء؛ ما يفاقم من مشكلة الاحتباس الحراري. وانبعاثات السيارات جزء من تلك المعضلة.

الاتحاد الأوروبي على الضفة الأخرى حسم أمره بقرار وقف تصنيع السيارات التقليدية (ديزل وبنزين) اعتباراً من 2035، على أمل أن يصل إلى الحياد المناخي بحلول عام 2050، وهو العام الذي تأمل فيه بريطانيا الاحتفال مع حليف الأمس بتحقيق ذلك الهدف المشترك.

غير أن حكومة رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك تسعى نحو التسريع من عجلة التحول إلى السيارات الكهربائية عبر منع تصنيع مركبات ديزل وبنزين جديدة اعتباراً من عام 2030، أي بعد سبعة أعوام من الآن، إلا أن السيارات الهجينة (كهرباء ووقود) سيكون مرحباً بتصنيعها حتى 2035 بحد أقصى.

وتلك المركبات مثل الغواصات الهجينة التي تستخدم البطاريات في أعماق البحار، وما أن تصل إلى سطح البحر حتى تبدأ بالاعتماد على الديزل لتوليد الطاقة.

غير أن هذا التوجه البريطاني يواجه تحديات وجود محطات كافية للتزود بالكهرباء، فضلاً عن احتمالية أن يدمر التسرع بالقرار قطاع تصنيع السيارات في بريطانيا، كما يقول المراقبون.

إلا أن مخاوف تكتنف مواطني القارة العجوز وبريطانيا بأن يسيطر على صناعة السيارات وبطارياتها تحديداً العملاق الصيني؛ ما جعلهم يضعون قيوداً تنص على أن يكون «45 في المئة من قيمة السيارة الكهربائية، فضلاً عن 60 في المئة من البطارية تم إنشاؤها في بريطانيا أو الاتحاد الأوروبي»، بحسب تقرير لوكالة أنباء «قنا»، وربما تم تغيير هذه القيود بعد انفصال بريطانيا عن أوروبا.

أما سيارات الأجرة اللندنية الأشهر في العالم فقد حسمت أمرها، فصرنا نشاهد كثيراً منها يعمل بالطاقة الكهربائية، فلا تكاد تشعر بعوادم ولا أصوات مزعجة تنبعث من محرك السيارة.

ومن المخاوف أيضاً ارتفاع التكلفة، حيث تصل أقل سيارة كهربائية معقولة الحجم إلى نحو 30 ألف جنيه إسترليني، وهذا ما دفع مصارف عديدة إلى تقديم قروض خضراء تنافسية تدعم السيارات الصديقة للبيئة. وقرأت أيضاً أن البنوك في الإمارات مثلاً تقدم تمويلات لتلك السيارات بأرباح مخفضة.

وقد سعدت وأنا أقرأ خبر افتتاح أول مصنع لتصنيع السيارات الكهربائية في دبي من قبل مجموعة «إم جلوري القابضة» (دماني) في عام 2022. وأطلقت السعودية أول علامة تجارية سعودية لسيارة إلكترونية CEER، وهي سيارة تحاول أن «تسير بناء نحو المستقبل» كما تقول في موقعها.

هذه توجهات مبشرة إذا كتب لها النجاح، وسوف تدفع مزيداً من المستثمرين وكبريات الشركات إلى الاستثمار في هذا القطاع، وهذا أيضاً ما يفسر توجه بعض ملاك السيارات التقليدية نحو بيع شركاتهم أو إدراجها في سوق الأوراق؛ ذلك أن كثيراً من أرباح تلك الشركات يأتي من عمليات الصيانة الدورية.

وفي حال توجه العالم نحو الخيارات الإلكترونية فيتوقع أن تنخفض عمليات الصيانة بصورة كبيرة؛ الأمر الذي يؤثر على أرباح شركات بيع السيارات التقليدية التي تعمل محركاتها بالبنزين أو الديزل، فضلاً عن أن تلك المؤسسات التي تقع في العالم الثالث لا بد أنها تخشى من تباطؤ مسايرة بلدانها للتوجه العالمي بوضع قوانين جديدة أو توفير محطات كافية للتزود بالكهرباء.

قد يعتبر ضرباً من الخيال إلزام كل السيارات، دفعة واحدة، بالتحول نحو الخيار الكهربائي؛ ولذا ستبقى هناك سيارات تستهلك الوقود أو البنزين، لكنها ستواجه رسوماً خانقة لا شك في أنها ستدفع أصحابها للتخلي عن عصر الديزل والبنزين وعوادمهما التي تلوث نسبة كبيرة من غلافنا الجوي.

 

* كاتب كويتي متخصص في الإدارة