الانتخابات الرئاسية بدأت مبكرة وقد عكر صفوها الاتهامات التي تلاحق الرئيس السابق دونالد ترامب. وقد يقول البعض إنها لا تعكر صفو الانتخابات بل تمنحها نكهة خاصة. فالاتهامات المتبادلة بين الفرقاء السياسيين حول تسييس العدالة تسهم في حالة الاستقطاب الشديدة التي تسيطر على المشهد السياسي الأمريكي وتزيد من الإثارة والتحمس والارتقاب للانتخابات والتي ستعقد في نوفمبر 2024.

ورغم أن المرشحين الجمهوريين بلغ عددهم اثني عشر مرشحاً إلا أن ترامب يتقدم عليهم بفارق كبير يصعب تقليصه في خلال المدة القادمة إلى الانتخابات التمهيدية والتي تصل إلى ثلاثة أشهر. ورغم أن معظم المرشحين يبدون بعض التعاطف لترامب في محنته القانونية، لكنهم يحاولون أن يبتعدوا عنه بسبب المشاكل التي جلبها للنظام السياسي. وفي نفس الوقت لا يريد المرشحون معاداته بسبب شعبيته الكبيرة بين الناخبين الجمهوريين. ولكن فرصة ترشحهم عن الحزب الجمهوري تكمن في إقصاء ترامب من السباق.

وفي خضم التنافس المستعر والاستقطاب المقيت بدا بعض الساسة الأمريكيين يبحثون عن بدائل جديدة تنهي الحالة الراهنة وتعيد التوازن للسياسة الأمريكية.

أدى هذا الاحتقان السياسي إلى بروز تكتل جديد عرف بالشعار «دون وسم»، أو No Label.

ويقود هذا التجمع الحاكم الجمهوري السابق لولاية ميرلاند لاري هوقن والسناتور الديمقراطي السابق من ولاية كنيتيكت جو ليبرمان. ويرى الأخير أن تشكيل هذا التكتل من الحزبين الرئيسين والمستقلين سيبعث الأمل من جديد في الناخب الأمريكي ويعطيه بديلاً من التحزب السائد.

وهناك جدل حول أن تقوم هذه القوة الصاعدة بتقديم مرشح ثالث كبديل للمرشحين على الأغلب ترامب والرئيس الحالي جو بايدن. وإذا ما عزم التكتل على تقديم مرشح في الربيع القادم فإنه -والكلام لهوقن- سيكون مرشحاً لمنصب رئيس ونائب رئيس من الحزبين الجمهوري والديمقراطي.

ويعتقد زعيم التكتل أن هذا التجمع له شعبية كبيرة. وأظهر استطلاع رأي أن حوالي 59 % سيدعمون مرشح هذا التكتل. وفي استطلاع ثانٍ قفزت النسبة إلى 64 % من الذين سيدعمون التجمع الجديد. ولكن القيادي في الحزب الديمقراطي ديك جيبهارت، عضو مجلس النواب السابق وزعيم الأكثرية في ذاك المجلس، يعترض على التكتل دون وسم بسبب التوقيت الذي يحاول تقديم مرشحه.

ويقول جيبهارت إن الوقت غير مناسب لتقديم مرشح ثالث بسبب ترامب والذي سيستفيد من انقسام الأصوات تجاه الرئيس الحالي بايدن. والاستطلاعات توضح بجلاء تقارب الأصوات بالنسبة لبايدن وترامب. وإذا ما كان هناك مرشح من تكتل دون وسم، فعلى الأرجح أن المرشح الثالث سيأخذ كثيراً من الأصوات من بايدن وبذلك يكون باب البيت الأبيض مشرعاً لرجوع ترامب. وحسب جيبهارت، لا يمكن السماح لترامب من الاقتراب من البيت الأبيض بعد سلوكه السابق.

ولكن هوقن يصر على أن الوقت مواتٍ، حيث إن الأغلبية من الناخبين أبدوا رغبتهم لمرشح مستقل من الحزبين الرئيسين.

وحسب موقع التكتل الجديد «دون وسم»، فإن استراتيجيتهم تتلخص في ثلاث نقاط: الأولى، أن التجمع الجديد يستعد لتقديم مرشح بديل، بيد أن القرار لم يتخذ بعد؛ أما الثانية، أن التكتل سيقدم مرشحه في ظل ظروف معينة؛ والثالثة، أن التجمع سيمحص الظروف بشكل صارم بواسطة استطلاع الرأي والبحث الدؤوب.

تاريخياً، فإن الهوية السياسية للمرشح الثالث تؤثر سلباً على أحد المرشحين من الجمهوريين والديمقراطيين. ففي انتخابات 1992 كان المرشح الثالث من المحافظين فأثر سلباً على جورج بوش الأب، ما أدى إلى خسارته أمام المرشح الديمقراطي بيل كلينتون. وفي العام 2000، أدى ترشح رالف نادر-المدافع عن حقوق المستهلكين- كمستقل وذي الهوية السياسية اليسارية إلى خسارة آل غور أمام جورج بوش الابن بفارق ضئيل.

ومهما كان الأمر، ففي النهاية عند الناخب الأمريكي الخبر اليقين وهذا ما سنراه في نوفمبر 2024!