ماذا إذا ؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

مقال اليوم «ماذا إذا؟» ينطلق من مقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في كتاب «ومضات من حكمة: أقوال وحكم مختارة لمحمد بن راشد آل مكتوم»: «المستقبل سيكون لمن يستطيع تخيله وتصميمه وتنفيذه. المستقبل لا يُنتظر، المستقبل يُمكن تصميمه وبناؤه اليوم».

ماذا إذا «What if»؟ منهج يستهدف تخيل حدوث مستجدات مستقبلية غير موجودة في عالم الحاضر، ومن ثم وضع سيناريوهات محتملة للتعامل معها، وصولاً إلى تحديد أفضل سيناريو ممكن، والبدء من الآن في اتخاذ خطوات عملية تتعلق بذلك السيناريو، بحيث تؤدي تلك الخطوات إلى تصميم المستقبل، وبنائه وفق طريقة يتم تقريرها اليوم. بهذا الشأن ينبغي تطوير القدرة على التخيل، التي تعد من بين القدرات الأصيلة في مجال الإبداع والابتكار. 

الاستجابة البنّاءة لمنهج «ماذا إذا؟» تعبّر عن تفعيل عملي لمفهوم الجاهزية Preaction & Proaction، الذي يمكن تحقيقه من خلال ما يُعرف بصناعة المستقبل، مع أهمية توقع اشتمال المستقبل على أمور مستبعدة الحدوث بمعايير الحاضر، كما أن الحاضر يشتمل على أمور، كانت تعد مستبعدة الحدوث بمعايير الماضي. 

من المهم أن نعرف أن التفكير وفق منهج «ماذا إذا؟» يمكن توظيفه لتجنب حدوث مفاجآت بشأن مسألة الانتقال من الحاضر نحو المستقبل، مع إمكانية استخدامه من قبل الأفراد والمؤسسات والحكومات، وبهذا الشأن يمكننا إيراد مجموعة من الأمثلة الموضحة لأمور قد يعتبرها البعض مستبعدة، وربما مستحيلة، إلا أنها محتملة الحدوث في المستقبل، علماً بأن مقال اليوم يركز على طرح تساؤلات، من دون الخوض في مسألة السيناريوهات التي نتركها للمتخصصين والمعنيين بإطار عمل كل مثال. 

- ماذا إذا تمكنت الشركات الهندسية المتخصصة بالإنشاءات من بناء مجمعات سكنية في قاع البحار والمحيطات؟ 

- ماذا إذا أصبحت المباني عبارة عن أبراج طائرة، تحلق بين السماء والأرض، تعتمد في تحليقها على مراوح عملاقة مثبتة في سطح المبنى، وتعمل بواسطة الطاقة الشمسية؟ 

- ماذا إذا أصبح السفر من مدينة إلى أخرى بواسطة كبسولة يدخل فيها الإنسان، فيتحول إلى جسم أثيري، بحيث ينتقل من مكان إلى آخر خلال ثوانٍ معدودات؟

- ماذا إذا تمكن العلم من عرض أفكار الإنسان، وتجسيد طموحاته وأمنياته من خلال شاشة ملونة، بالصورة والصوت؟ 

- ماذا إذا تمكن البشر من التخاطر عن بعد، بحيث يتم تبادل الأفكار، وتناقلها بين الأفراد من خلال شرائح يتم زراعتها في الدماغ، باستخدام طرق وأساليب تقنية متقدمة؟ 

- ماذا إذا تم ابتكار آلية تسمح بتحميل عشرات الكتب والمراجع العلمية في شريحة إلكترونية تزرع في جسم الإنسان، بحيث يتمكن الفرد بموجبها من استقدام أي معلومة يحتاج إليها في عمله، أو في حياته عموماً؟

- ماذا إذا تمكن الإنسان من بناء مستعمرات سكنية في كواكب أخرى، بحيث يتم التنقل بين الكواكب بالطريقة ذاتها التي يستخدمها البشر في وقتنا الحاضر للسفر بين الدول؟ 

تأسيساً على الأمثلة السابقة، يمكننا تثبيت مجموعة من المنافع والإيجابيات الناتجة عن توظيف منهج «ماذا إذا؟» في مفاصل الحياة المختلفة، وذلك من خلال النقاط الآتية: 

- الاستعداد الإيجابي للمستقبل، مع تفعيل مفهوم التفكير الاستراتيجي.

- إدراج مفهوم التخطيط بالسيناريوهات في مناهج التعليم بالمؤسسات الأكاديمية. 

- توجيه الإمكانات نحو تطوير أساليب العمل الحالية، وتحسين أنماط المعيشة في عالمنا المعاصر. 

- الاستفادة من أفلام الخيال العلمي؛ على اعتبار أن بعض مشاهدها قد تصبح حقائق في المستقبل. 

- تطوير الفرد لقدرته على التعامل مع المستجدات البيئية المختلفة. 

- تقليل الإنسان لمخاوفه المتعلقة بالانتقال نحو المستقبل المجهول. 

- الاجتهاد في اكتساب مهارات التعامل مع التكنولوجيات المتقدمة، مثل الذكاء الاصطناعي، وغيرها. 

ختاماً، وللتأكيد على أهمية التفاعل الإيجابي مع المستقبل، نود أن نستشهد بما قاله صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في كتاب «ومضات من حكمة: أقوال وحكم مختارة لمحمد بن راشد آل مكتوم»: «إن المستقبل ملك لجميع البشر، لكن الذين ينالون حصة فيه هم فقط الذين يلبون نداءه، ويتقنون لغته، ويحرصون على معرفة حركته واتجاهاته. المستقبل لا يعرف الانتظار ولا التأجيل ولا التراخي».

Email