السرد الاستراتيجي للمؤسس.. «إدارة التغيير»

ت + ت - الحجم الطبيعي

تعبر عبارة المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، عندما قال: «كان لدي إيمان بالله العظيم ورغبة في التغيير، وعزيمة وإصرار على تحدي الصعاب»، عن عنوان إدارة التغيير في بناء الدولة الوطنية، التي يتبناها رواد الأعمال في الوقت الحاضر في مؤسساتهم، فهي تلمس صلب الموضوع مباشرة ألا وهو الاتصال والتوعية كونه مبدأ أساسياً في إدارة التغيير لتحقيق التطوير، إذ كان، طيب الله ثراه، أكثر من فهم عقلية شعبه ونمط عيشه وتقاليده.

أمضى وقتاً طويلاً في العشرينيات والثلاثينات من القرن العشرين مع رجال القبائل البدو، وأدرك مصاعب الحياة وقهرها، وتشبع بخصال الصبر والجلد، التي مزجت بتربيته القويمة الإسلامية، فمنحته البصيرة والحكمة، وهذا ما خول له الكفاءة المتميزة في تحقيق الانسجام الداخلي والتلاحم الوطني ودفع الإمارات نحو النمو المستدام والتنمية، وأصبحت مثالاً يضرب به في المنطقة. 

مشاركة 

تفاعل الشيخ زايد مع شعبه باستمرار، يجتمع ويتحدث معهم في اللقاءات والاجتماعات. يقوم بجولات تفقدية للمناطق المختلفة، ويسمع احتياجات الناس ويعمل على حلها. يعتمد على مبدأ تشارك الفريق والمشاركة جزءاً أساسياً من إدارة التغيير، ما يشجع المشاركة الفعالة للمواطنين، ويعزز الالتزام والدعم لتنفيذ التغيير، وهذا ما يتجلى في ممارسته:

«إن بعض الناس يظن أن مجرد تغيير الوضع السابق يعتبر تطوراً. لقد تخلقنا بأخلاق ديننا، وتعلمنا من إسلامنا ومن تراثنا ومن سنة نبينا، فكانت هذه الصورة من الحكم، وقد اجتمعنا مع إخواننا نسمع منهم، ويسمعون منا، فكان هذا التماسك في قيام دولة الاتحاد».

غايات 

كان القائد المؤسس يهتم بتقييم الحاجة للتغيير، بما في ذلك تحديد غاياته وأسبابه وتأثيراته المحتملة، ويضع خطة مفصلة لإدارتها. يحدد الأهداف والأدوار والمسؤوليات والمهام المطلوبة.

بالإضافة إلى الجدول الزمني والموارد المطلوبة لتحقيق التغيير، كما نلمس في قراره التالي: «إن المجلس الأعلى اتخذ قراراً باستمرار الدستور المؤقت حتى يواجه الظروف المناسبة لنا، ويمكن تغيير ما نراه من المواد حسب الظروف والمصالح. إن المجلس الأعلى وجد أن الدستور الدائم يمكن أن يكون غير مناسب فنصبح مجبورين لتنفيذه، ولكنه رأى أن الدستور المؤقت يمكن تغييره حسب مصلحة البلاد». 

مساندة 

وبشأن إدارة المقاومة وتحويلها إلى مساندة للتغيير كان سلاحه توفير التدريب والتعليم الملائم لتطوير القدرات اللازمة للتكيف، والعمل بفعالية في البيئة الجديدة، كما يشرح: «إن الدولة توفر الإمكانات اللازمة لقطاع التعليم لأنها في أمس الحاجة إلى أبنائها المتعلمين، لكي يسهموا في تطورها وبناء نهضتها».

تقييم 

كان، طيب الله ثراه، متفانياً في تقييم تقدم التغيير ومدى ضرورة إجراء التعديلات في خطة العمل، بهدف التكيف والتحسين المستمر، وكان يسعى لتجويد العمليات والأداء، من خلال استفادته من التجارب والمخرجات الفاعلة، ويتجلى ذلك باهتمامه للنتائج في التالي: «هذا المجلس هو أعلى سلطة في الدولة ويهمه إسعاد المواطن وتحقيق مصلحته والعبرة بالنتائج، التي يتوصل إليها، والشيء المهم هو الحصاد وليس عدد الجلسات».

فوق هذا كله كان يضع خطة استمرارية، لضمان استدامة التغيير للأفضل، مُعززة بإدارة المخاطر المحتملة للتغيير، وتحديد وتقييم تأثيرها واحتمالية حدوثها، ثم يقوم بتطوير إجراءات للتقليل منها أو وضع استراتيجيات للتعامل معها حال حدوثها، كما يتبين من ممارسته: «إن واجبنا أن نناقش الأمور بصراحة وروية حتى تتضح الصورة وخاصة فيما يتعارض مع المصلحة الوطنية، وعلينا أن نعمل على تغيير ما يجب تغييره إلى الأفضل لمصلحة الوطن والمواطن».

قدرات قيادية 

إدارة التغيير تتطلب قدرات قيادية تفوق المألوف ورؤية فذة. إنها العملية التي تجمع بين المهارات القيادية والبشرية، لضمان تحقيق التغيير بفعالية وإنجاز الأهداف المنشودة، ولنا في نتاج إرث الشيخ زايد ممارسات متميزة ثمينة، علينا أن ننهل منها، وننقلها في إطار مبدأ إدارة المعرفة لكل من يحتاج إليها.

Email