اللاءات التسعة للمدير البخيل

ت + ت - الحجم الطبيعي

التدقيق في بعض المصطلحات يقودنا أحياناً إلى اكتشاف معاني ومفاهيم غير معهودة، من بين تلك المصطلحات نجد مصطلح «بخل». كلنا يعرف أن كلمة بخل، ومنها بخيل تستخدم لوصف الشخص الشحيح الممتنع عن بذل المال، سواء في حق نفسه، أو في حق الآخرين. 

ليس هذا موضوع المقال على وجه التحديد، إذ إن مقال اليوم يتعلق بسؤال: هل البخل يكون في المال فقط ؟ البخل بمعناه الواسع يعني الإمساك عن العطاء، وللعطاء أشكال متعددة، وأصناف متنوعة، هذا يعني أن الممسك عن أي نوع من أنواع العطاء ينطبق عليه وصف بخيل. من هذا المنطلق يمكننا الربط بين البخل من جهة، وسلوكيات تظهر في شخصيات بعض المديرين من جهة أخرى، تجعلهم بخلاء في عطائهم، الأمر الذي يؤثر سلباً على المناخ التنظيمي السائد في بيئة العمل. 

يكون المدير بخيلاً عندما تظهر في تصرفاته مؤشرات عملية لتسعة لاءات، يمكن للموظفين الشعور بها، من خلال تعاملهم اليومي معه، ويكون لهذه التصرفات بطبيعة الحال تأثير غير محمود على مستويات أدائهم، ومعنوياتهم، وإنتاجيتهم، الأمر الذي سنجتهد في توضيحه، من خلال تسع نقاط، مع استبعاد الجانب المالي؛ على اعتبار أن المديرين في الأمور المالية تحكمهم ضوابط ولوائح تقع في أغلبها خارج نطاق صلاحياتهم. 

أولاً، لا للابتسامة: هنا يظهر المدير عادة أمام موظفيه بوجه عبوس، الأمر الذي يولد شعوراً بالتوتر والقلق لدى من يتعامل معهم. تعد الابتسامة اللغة الوحيدة، التي لا تحتاج إلى ترجمان، وبشأنها يقول الرسول الكريم محمد- صلى الله عليه وسلم: «تبسّمك في وجه أخيك لك صدقة». (رواه الترمذي). 

ثانياً، لا للكلمة الطيبة: يقال إن الكلام الطيب مرسال الود بين الأشخاص. في هذا الشأن نجد أن المدير يعمد إلى استخدام كلمات قاسية في تواصله مع الموظفين، الأمر الذي يجعلهم ينفرون منه، ويشعرون بالضيق عندما يتحاورون معه.

ثالثاً، لا للإرشاد: بعض المديرين لا يدركون أن الإرشاد من واجبات المدير الأساسية؛ لذلك نجدهم يصدرون الأوامر لموظفيهم، من دون أن يبذلوا جهداً في إرشادهم نحو أسلوب الأداء الجيد. 

رابعاً، لا للتدريب والتطوير: هناك مدير يعتقد أن الموظف ينبغي أن يطور نفسه بنفسه، نحن لسنا ضد هذا الأمر، ولكن المدير ينبغي أن يكون له بالمقابل دور إيجابي في تدريب موظفيه، على اعتبار أنه يتمتع بقدرات ومهارات تميزه عنهم، جعلته في مركز وظيفي إشرافي، وبالتالي ينبغي ألا يبخل في تطويرهم. 

خامساً، لا للدعم المعنوي: عندما يهمل المدير مسألة الدعم المعنوي، يعني أنه يسقط الجانب الإنساني من معادلة التأثير الإيجابي في الموظفين، ويعتبرهم مكائن تعمل، وتنفذ وتنتج من دون أن تشعر، وهذا مدخل غير صحيح، يؤثر بشكل سلبي على مشاعر الولاء المؤسسي في نفوس الأفراد العاملين. 

سادساً، لا لمشاركة الموظفين في صنع القرارات: المدير هنا يؤمن بأن صناعة القرارات، وحل المشكلات من تخصصه بمفرده، وبالتالي ليس من حق الموظفين المشاركة فيها، أي أن دور الموظف يقتصر على التنفيذ فقط، وهذا ما لا ينبغي أن يكون. 

سابعاً، لا للتفويض الفعال: يؤثر التفويض الفعال بشكل إيجابي على كل من المديرين والموظفين. الإشكالية أن هناك بعض المديرين يقومون بإهماله، ويتعاملون معه باعتباره أمراً ثانوياً لا يستحق الاهتمام. 

ثامناً، لا للتعرف على أسباب مشاكل الأداء: بعض المديرين يقومون بمحاسبة الموظفين عن أخطائهم في أداء واجباتهم، من دون الإحاطة بالجذور والأسباب، التي تقف وراء ارتكاب تلك الأخطاء. 

تاسعاً، لا للاعتذار عن الأخطاء: يعد الاعتذار عن الأخطاء من خصائص الشخصيات القوية، وإذا كان المدير يريد تطبيق مفهوم القيادة بالقدوة؛ عليه أن يعلم موظفيه أهمية هذه الخاصية، وذلك من خلال الالتزام بها في المقام الأول. 

ختاماً نقول: على المديرين الانتباه إلى هذه اللاءات التسعة، والاجتهاد في معالجتها، ولما كان الاعتراف بوجود المشكلة يعبر عن أول مراتب العلاج، حينها ينبغي على المدير البخيل أن يكون صريحاً مع ذاته، ويركز في علاقاته مع موظفيه على الانتقال من منطقة البخل إلى منطقة العطاء، خصوصاً أننا كما أسلفنا نتحدث عن عطاء غير مالي، الأمر الذي يجعل عملية التحسين متاحة لكل مدير يجتهد بصدق للتغيير نحو الأفضل.

Email