الحكومة في خدمة المتعاملين والمتعامل دائماً على حق

ت + ت - الحجم الطبيعي

هل المتعامل دائماً على حق؟ الإجابة نعم. هل المتعامل دائماً على صواب؟ الإجابة لا. هل المتعاملون هم سبب وجود المؤسسات الحكومية؟ الإجابة نعم. 

المتعامل دائماً على حق، مَقولة عميقة تستحق كثيراً من التأمل والتحليل. أحياناً نجد بعض الموظفين لا يقتنعون بها، السبب في ذلك، هو عدم التفسير الدقيق لكلمة حق. الحق في هذا المقام، لا يعني الصواب، وهذا ما سيتم توضيحه لاحقاً.

المتعامل عندما يراجع مؤسسة حكومية، فهو ضيفٌ عليها، وبالتالي له حق الضيافة الذي يتمثل بوجوب حصوله على خدمة مُتميزة بأسرع وقت ممكن، مع أهمية حرص الجهة الحكومية على زرع مشاعر الرضا والسعادة في قلبه. وله أيضاً حق الحصول على المعلومات المتعلقة بإنجاز معاملته بشكل واضح، مع محافظة الموظف المُقدِم للخدمة على اتزانه الانفعالي عند التواصل معه. 

بالمقابل، قد لا يكون المتعامل دائماً على صواب، إذ قد يُفسر بعض القوانين والنُظُم والتعليمات ذات العلاقة بالخدمة التي يريدها بشكل غير دقيق، وقد تكون لديه معلومات غير صحيحة بشأن طبيعة الوثائق التي ينبغي عليه تقديمها للجهة، وربما يقوم بمراجعة إحدى الجهات الحكومية للحصول على خدمة معينة، في حين أن هناك جهة أخرى متخصصة بهذه الخدمة. في مثل هذه الحالات، ينبغي على الموظف المتخصص أن يُعطي المتعامل حقّه، وذلك بأن يُرشده، ويوضح له المُستندات المطلوبة بشكل جَليّ وشامل، وعليه أيضاً أن يتأكد من وصول المعلومة إليه كما ينبغي، مع بذل أقصى جهد ممكن لتيسير كل أمور المتعامل. 

إلى جانب كون المتعامل دائماً على حق، يمكننا القول بأن المتعاملين يعبرون عن سبب وجود المؤسسات الحكومية، إذ لولا وجودهم، لما وجدت المؤسسات. في هذا الشأن يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله: «رسالة للجميع: المتعاملون والجمهور هم سبب وجود الجهة، وهم سبب توظيف كادرها، ورضاهم عن الخدمات حق أصيل ومبدأ نبيل في عمل أي جهة، ومهما تطورت بلادنا ستظل أعيننا متابعة لمستوى الخدمات الأساسية المقدمة لمواطنينا، وسنظل نبعث متسوقين سريين للجميع كما كنا نفعل خلال الثلاثين عاماً السابقة».

لقد حرصت حكومة دولة الإمارات على ترجمة اهتمامها بالمتعاملين في الواقع العملي، من خلال "برنامج الإمارات للخدمة الحكومية المتميزة" الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، في مارس 2011 للوصول إلى مستويات جديدة في خدمة المتعاملين، وتوفير الخدمات الحكومية الاتحادية في شتى أرجاء الدولة بالجودة ذاتها. يهدف البرنامج إلى تحقيق نقلة نوعية في كفاءة الخدمات الحكومية؛ من خلال توفر الخدمة، وتعدد قنواتها، وسرعة إنجازها؛ لضمان تجربة مريحة لجميع المستفيدين من الخدمات الحكومية، إضافةً إلى تسهيل الإجراءات، وتحقيق التميز في إنجاز معاملات الجمهور.

يتضمن "برنامج الإمارات للخدمة الحكومية المتميزة" عدة محاور، هي: تصنيف مراكز الخدمة الحكومية من نجمة إلى سبع نجوم، ميثاق خدمة المتعاملين الموحد، مُلتقى الإمارات للخدمة المتميزة، دليل جودة الخدمات الحكومية، اعتماد مواصفة قياسية للخدمات الحكومية. وقد صدرت عدّة أدلّة إرشادية عن البرنامج، هي: دليل تطوير الخدمات الحكومية، دليل الخدمات الاستباقية، دليل دراسة سعادة المتعاملين، دليل سعادة المتعاملين، نظام النجوم العالمي لتصنيف الخدمات، دليل معادلة إسعاد المتعاملين. 

تأسيساً على ما سبق، يمكننا القول إن مؤسسات الإدارة الحكومية ينبغي أن تستهدف تحقيق رضا المتعاملين وإسعادهم، وتستوعب مطالبهم، وتجتهد في سبيل تلبيتها.

هذا ما يؤكده صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، في كتاب: «ومضات من فكر: أفكار وآراء من وحي الجلسة الحوارية في القمة الحكومية 2013»، إذ يقول سموه: «رؤيتنا للحكومة أنها ليست كياناً منفصلاً عن الناس، بل هي جزء منهم، وتعمل من أجلهم، وبهم تحقق أهدافها، ومن خلالهم تقيس نجاحها. الحكومة سلطة لخدمة الناس وليست سلطة عليهم، وهي قوة لهم وليست عليهم، ووظيفتها إسعادهم وبناء مستقبل واعد لأبنائهم».

Email