السرد الاستراتيجي للمؤسس.. «المسؤولية والمحاسبة»

ت + ت - الحجم الطبيعي

يعد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، نموذجاً رائداً في ربط المسؤولية بالمحاسبة الإيجابية، حيث قام بتطبيق سياسات وإجراءات حازت الاحترام والتقدير عالمياً، تعكس التزامه بالحكم الرشيد والمصلحة العامة لشعب الإمارات. كان يقدس الأمانة، فبرأيه: «إن تحمل مسؤولية الأمانة ليس سهلاً، لأنها لا تخص شخصاً واحداً، بل مصير دولة ومستقبل أمة»، وقد ورث هذه القيم والمبادئ للأجيال اللاحقة، حيث تعتبر المسؤولية والمحاسبة جوانب أساسية من تراثه الحافل، وإرثه المستمر في تطوير الإمارات، وتحقيق رفاهية شعبه.

ومن الممارسات المتميزة، التي نستقيها من أفعال المؤسس القائد والقدوة، ونستفيد منها في أعمالنا سواء كوننا أفراداً أو مؤسسات؛ تعامله مع المحاسبة عند الخطأ بطريقة متوازنة، بالعدل والإنصاف عند اتخاذ قرارات العقوبات المناسبة، والحرص على عدم التسبب في إحباط الفريق، كما نستنتج من ممارسته: «إن كل فرد مسؤول، ويتحمل المسؤولية سواء كان وزيراً أو عضواً في الحكومة، وإذا قصر بغير عمد فلا يجوز أن يؤاخذ، لأنهم بشر، ولكن تجوز المحاسبة إذا تعمد الخطأ، وارتكب هذا الخطأ، لأن الحساب ليس فقط نافعاً لذات المحاسبة، وإنما نافع لأن يعرف زيد من الناس أنه تحت طائلة الحساب أو مطالب بما هو مسؤول عنه، وما هو مقصر فيه حتى يأخذ كل إنسان حذره، وهم إخوان». وممارسته أيضاً: «إن المسؤولية أمانة في عنق القائد والمسؤول عن الأمة. إن الوزراء والمسؤولين مطالبون بالجد والإخلاص، والتفاني في العمل، أما المقصر فيجب أن يلام أولاً، ثم يعاقب في المرة الثانية على أن تبتعد العقوبة عن الحقد».

وكان، رحمه الله، يدعو إلى تحليل الأسباب والعوامل التي أدت إلى الخطأ، وتقييمها بشكل دقيق، وكان يطالب كل مسؤول الإلمام بجميع مهام مرؤوسيه، حتى يتبين منبع الخلل إذا حدث، ويوجه: «يجب عليكم متابعة سير العمل، الذي يقع تحت إشرافكم بشكل مباشر، والتحقق لجدية إنجاز العمل المطلوب على الوجه الأكمل، والإلمام بكل دقائق الأمور حتى يكون المسؤول مستوعباً لكل تفاصيل العمل الموكل إليه، وجاهز أمام أي استفسار من السلطات العليا المسؤول أمامها بعد الله عز وجل».

وكان، طيب الله ثراه، يروج بحكمته المعهودة لرؤية الأخطاء كونها فرصة للتحسين والتطوير. يمكن الاستفادة منها، واتخاذ إجراءات فعالة، لتصحيح الخطأ ومنع تكرار حدوثه، وتعزيز أداء الفريق بشكل عام وتحسين العمليات، فكان يدعو: «يجب أن نسهر وننتبه لكل ما يحدث في هذا الوطن، والعمل على سد كل نواقصه وكل نقطة غلط نصححها إلى الصحيح لوطننا وأمتنا».

وبعباراته الراقية كان يشجع ثقافة المحاسبة الذاتية في فريق العمل، بما يجعل الأشخاص مسؤولين عن أعمالهم وأخطائهم: «إن عليكم التحلي بالصدق والأمانة وأداء الواجب، لأن ذلك من أصالة شعبنا وأبنائنا، وهو كنز وفخار لهذا الوطن، وأن تكونوا مثلاً أعلى وقدوة، لأن المقصر سوف يحاسب، والمجتهد سوف يقدر من السلطات العليا، لأن المسؤول الذي يتسم عمله بعدم المبالاة والإهمال لا يجب أن يكون في موقعه، ولا يستحق الثناء، لأن اليمين الدستورية، التي أداها الوزير تحمل اسم الدولة، ويجب المحافظة والحرص على الوطن وتحقيق الأهداف المنشودة»، وكان دائماً يوفر بيئة آمنة مفتوحة للنقاش والتعبير عن الآراء، كما يتبين من ممارسته: «يجب أن نكون حريصين، وكل من لديه رأي لا يخفيه، إن الأبواب مفتوحة لأعضاء المجلس لاستقبالهم في أي وقت، والاستماع منهم إلى ملاحظاتهم حول قضايا العمل الوطني، بما يخدم الوطن والمواطنين». 

وبالسهل الممتنع والمختصر المفيد، كما عودنا الوالد المؤسس، يعطي درساً قيماً ملهماً لجميع الموظفين في كل القطاعات، يشعل حماسهم، ويزيد من انضباطهم، وامتناعهم عن الخطأ، حيث يلخص: «إن الراتب لا يقاس بهيئة الإنسان، وإنما كرامة الإنسان بعمله، وبكسبه الحلال».

Email