القيادة بالمشاعر مدخل إيجابي للتحفيز

ت + ت - الحجم الطبيعي

في عالم القيادة، يتباين المديرون وشاغلو المراكز الوظيفية الإشرافية في أنماطهم الإدارية، وكذلك في الطرائق والأساليب التي يعتمدونها في التأثير في الآخرين. وبعضهم قد يميل نحو الحزم، وبعضهم الآخر قد يميل نحو اللين، وكلاهما يعتقد أنه يسير في طريق الصواب.

ونحن، عبر هذا المقال لا نسعى نحو التفصيل في موضوع التحفيز الذي تغص به كتب الإدارة، وكذلك البحوث والدراسات العلمية ذات العلاقة بالقيادة، بل سوف نجتهد في التركيز على مدخل مهم من مداخل التحفيز، ألا وهو مدخل القيادة بالمشاعر الذي يتصف بالكثير من الانعكاسات ذات الأثر الإيجابي في بيئة العمل، والموظفين. 

يتضمن مدخل القيادة بالمشاعر العديد من المُمارسات السلوكية القابلة للتطبيق في بيئة العمل، والتي يمكن للقادة والمديرين اختبار نتائجها بأنفسهم، والاجتهاد في تحسينها بالشكل الذي يعتقدون أنه أفضل لمصلحة العمل، وللعاملين في الوقت نفسه.

وبالإمكان طرح عدد من هذه المُمارسات، وذلك على سبيل المثال لا الحصر: (الكلمة الطيبة، الابتسامة، المُصافحة، التركيز على الإيجابيات، رفع المعنويات، إبداء الاهتمام بالمشكلات الشخصية، التغافل عن أخطاء العمل غير المُتعمّدة، ترسيخ روح الفريق بين الموظفين، تقديم هدايا بسيطة في الأعياد والمناسبات السعيدة، مشاركة الموظفين أحزانهم...). 

المديرون الذين يُسقطون مدخل القيادة بالمشاعر من حساباتهم، يبدو أنهم لا يدركون القيمة الإيجابية لهذا المدخل في التطبيق، أو ربما لم يقتنعوا بعد بجدواه. وفي هذا الشأن يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، في الفصل السابع من كتاب (رؤيتي: التحديات في سباق التميز)، والذي يحمل عنوان (التنقيب في العقول): «بعض القادة وصل إلى مرحلة لم يعد قادراً معها أن يقول لمن معه: شكراً. بعض القادة لا يعرف كيف يربت على كتف موظف ناجح ويقول: أحسنت.

لقد فعلت شيئاً جميلاً تستحق عليه المكافأة. هل يعرف هؤلاء وقع الكلمة الطيبة؟ إنها الجسر إلى القلوب ورفع المعنويات وإزالة سوء الفهم، ويجب علينا جميعاً أن نتقن نطقها بصدق وعفوية. الابتسامة مثلها ومثلها أيضاً الثناء واللفتات الشخصية والاهتمام بأحوال المرؤوسين والإسهام في حل مشكلاتهم. هل يعرف هؤلاء ما الذي يفعله التقدير؟ إنه يفجر طاقات الشباب ويزيدهم عطاءً ويدفعهم في طريق النجاح والإنجاز عشرات السنين إن لم يكن طول عمرهم.

إنها وسيلة مجرّبة رخيصة التكاليف لكسب الولاء والإخلاص وزيادة الإنتاج. إنها سلوك يجب على القائد الناجح أن يشيعه بين الناس ويؤكد ضرورة الالتزام به، بل هو أسلوب حضاري يجب أن يكون طابع التعامل بين أفراد المجتمع».

ويضيف سموّه قائلاً: «ما الذي أحلّه بعض القادة محل كل هذا؟ الخوف. يجب على الفرد أن يخاف القائد، يجب أن يخشى سطوته، يجب أن يبتعد عن طريقه، يجب أن يعيش في الزوايا المظلمة لئلا ينتبه إلى وجوده، يجب أن يفكر دائماً بهذا القول ويعمل به: اعمل، تخطئ، تُعاقب. لا تعمل، لا تخطئ، لا تعاقب». 

ختاماً نقول، ينبغي للمديرين أن يُثقفوا أنفسهم في مجال علم النفس الإداري؛ كي يتعلموا مدخل القيادة بالمشاعر وفق أصوله العلمية. وفي الوقت ذاته، من المهم أن ينضمّوا إلى برامج تدريبية متخصصة، توضح لهم المُمارسات السلوكية الكفيلة بالتطبيق الفعّال لهذا المدخل ليصبحوا بذلك مُلمين بأبعاده المعرفية والعملية؛ بما يصب في مصلحة بيئة العمل بجوانبها التنظيمية والإنسانية المختلفة.

Email