قبسات

تجارة العلماء في رمضان

ت + ت - الحجم الطبيعي

ما أسعد أهل النيات الصادقة، وما أطيب عيشهم بالإخلاص.. قلوبهم معقودة على فعل الصالحات، وعمل المكرمات. فما أروعها من قلوب تعودت وصل الصالحات بالنيات، خوفاً على أعمالهم من الضياع والشتات.

لقد كان أهل العلم وما زالوا يعلمون للعامة والخاصة منهجية الإِكثار من النيات الطيبة في العمل الواحد وتحويل العادات إلى عبادات وكانوا يستدلون على مبدئهم هذا بما قيل قديماً: «تجارة النيات.. تجارة العلماء»؛ لأن استحضار النيات الحسنة مشروع، وهو من الاحتساب في الأعمال الصالحة؛ وداخل في قول الرسول الكريم: «إنما الأعمال بالنيات».

وبهذه القاعدة يعلمون الناس قيمة النية، وكيف يعاملون ربهم بإِخلاص، ويربحون منه سبحانه أعظم ربح.

ويتأكد صدق المقولة التي صدرنا بها هذا المقال، من خلال أحاديث وآثار عدة نذكر منها على سبيل المثال: حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم حين رجع من غزوة تبوك، فدنا من المدينة، فقال: «إن بالمدينة أقواماً، ما سرتم مسيراً، ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم. قالوا: يا رسول الله، وهم بالمدينة؟ قال: وهم بالمدينة، حبسهم العذر». [متفق عليه]

ب- قصة تحاور أبي موسى الأشعري ومعاذ بن جبل في كيفية قراءتهما للقرآن..

حيث قال معاذ: أما أنا فأنام وأقوم، وأرجو في نومتي ما أرجو في قومتي. [رواه البخاري ومسلم].

وقال النووي معناه: أني أنام بنية القوة، وإجماع النفس للعبادة، وتنشيطها للطاعة، فأرجو في ذلك الأجر، كما أرجو في قومتي؛ أي: صلواتي.

فلنمرن أنفسنا على استحضار النية وتعددها.. فإن كل فرد منا بحاجة إلى حسنات يثقل بها ميزانه، ويكفر بها سيئاته، وتكون أنيسه في قبره، وشفيعاً له يوم العرض الأكبر.

ج- حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مالاً وعلماً فهو يتقي فيه ربّه، ويصل فيه رحمه، ويعمل لله فيه حقه، فهذا بأفضل المنازل. وعبد رزقه الله علماً ولم يرزقه مالاً، فهو صادق النية، يقول لو أن لي مالاً لعملت بعمل فلان، فهو بنيته، فأجرهما سواء).

فبادر وأسرع بالنية؛ وانو لو أن لك مالاً وصلت به رحمك، وبررت به والديك، وساعدت الفقراء والمساكين والمحتاجين، وبنيت به المساجد، ووزعت المصاحف، وبنيت داراً للأيتام، وتحفيظ القرآن، ونشرت به العلم بين الناس، ولصرفته في كل أوجه الخير والحلال.

* «واعظ أول» في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي

 

 

Email