المبنى العتيق.. ضوء القمر

ت + ت - الحجم الطبيعي

بدأ جرس المنبه يرن الساعة السابعة صباحاً، لم يكن استيقاظها صعباً، بل اعتادت الاستيقاظ على سيمفونية «ضوء القمر» لبيتهوفن، سيمفونية جميلة، تشعرك بضوء القمر، وإن لم يكن كذلك.

هذا المخدع الأخير الذي لم أتطرق إليه. لماذا؟ لا علم لي! قد يكون السبب أنه مغاير لقانون الطبيعة البشرية ومجرياتها في وقتنا الحالي. جرت العادة أن ندفع مبالغ باهظة للوصول إلى تلك الرفاهية الكاذبة، ورغد العيش الزائف، أو كما يدعوها البعض «كواذبُ الحياة»! خلف ذلك المخدع قصص مختلفة، إحدى الروايات والسرديات الغريبة التي لطالما ذكرها التاريخ، فتاة تملك كنوز الدنيا، ولكن ولم تظفر منها بطائل.

عند مدخل المبنى الرئيس الذي يأخذك عبر السلالم العمودية المنحنية والمظلمة، إلى أعلى سطح ذلك المبنى، في مكان فسيح وواسع من أعلى تلك الرابية، على مدى البصر، ينكشف أمامك أحد أجمل وأهم معالم باريس. متعدد السطوح على شكل هندسي، حيث إن كل زاوية منه لها ارتفاع وانخفاض، تطل منه على معلم معين من معالم باريس، كل زاوية ولها شكل هندسي مختلف، يعطيك انطباعاً بأنها شرفة لأجمل قصور العالم، وما هي إلا قمة برج مبهم، إلا أنه مليء بالمناطق الاستراتيجية من جميع الجهات الأربع. على سبيل المثال، من الجهة المقابلة لها وجه متعرج على يمين، وله ساق على شكل مفتاح صول مطل على برج إيفل، الواقع على الضفة المقابلة لنهر السين، ومن الجهة الشرقية شارع الشانزليزيه بداءة.

تخلت ليزا ابنة أحد أهم أثرياء فرنسا عن جميع ممتلكاتها، واكتفت بشراء تلك الرابية في أعلى ذلك المبنى، وقالت: سأطلق سراح هذه الفتاة الجميلة والحبيسة في داخلي.. لا يهمني أبداً أن أرتدى تلك الأطقم الأنيقة، ولا جموع الحرس والجنود مصطفة من حولي، لست كأحد من هؤلاء القطيع، طفح الإناء وامتلأ في صدري، لا شأن لي بتلك الأكاذيب... فأنا كذلك الطير الذي يضرب جنبيه بجناحيه، ويرتفع في طيرانه، يحلق عالياً، لا تستقبله حشود، ولا يقطن بين تلك القصور، أعشق صوت ارتطام المطر بالأرض، ومداعبتها لأطراف الغيوم، لا أطيق ذلك اللثام الذي يحبس عيني، آن الأوان لإزاحة ذلك اللثام.

لحظة تأمل:

أما آن الأوان لإماطة اللثام عن «كواذب الحياة»؟!

Email