لماذا تسييس الكوارث؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

عندما يحدث زلزال، لا يرى حدوداً جغرافية، ولا فوارق عرقية أو طائفية أو عمرية، ولا يعترف بها. يفتك بالجميع، يتحدث بلغة التدمير، ولا يفهم لغات البشر، ولا يملك أحاسيس أو مواقف.

الزلزال المدمّر الذي ضرب جنوبي تركيا وشمالي سوريا، لم يرَ الحدود والمعابر، ولم يقرأ أسماء الدولتين والمحافظات والمدن والقرى ومخيمات اللجوء على جانبي الحدود، وليس من فرق عنده بين منطقة تحت سيطرة الحكومة، ومنطقة تحت سيطرة «المعارضة»، وأخرى تحكمها ميليشيات، بل صنع جغرافيته الخاصة، ووفق معاييره العابرة لكل شيء، إلا الموت والدمار.

البشر الذين لا تفرق بينهم الزلازل، يفرّقون بين بعضهم البعض، حتى في الكوارث الطبيعية المدمّرة للبشر والحجر والشجر. هذه الكوارث لا إنسانية، وينبغي أن يكون الرد عليها إنسانياً.

لم يكن التعاطي مع زلزال تركيا - سوريا، منصفاً وعادلاً وإنسانياً، إلا على نطاق ضيّق ومحدود. سوريا التي ضربتها حرب الاثنتي سنة عجافاً، والتي تفتقر أساساً للإمكانات والمعدات الخاصة بمواجهة الكوارث، لم تتلقَ مساعدات إنسانية إلا من عدد من الأشقاء العرب والقليل غيرهم.

كل إنسان يحمل في داخله جوهر هذا المسمى الإنساني، كان يمني النفس أن ينظر العالم إلى سوريا وتركيا بنفس العينين، بعيداً عن التسييس والخلافات.

لا هوية للضحايا سوى أنهم ضحايا، وحين يستخرجون من تحت الأنقاض، يكونون بلا وثائق، وقد وحّد الغبار والتراب لونهم، سواء كانوا أحياء أو أمواتاً. وفي كل الأحوال والأوقات.

الزلازل لا تفرق ولا تسيّس، فلماذا بعض البشر يفرّقون ويسيّسون؟

Email