الاتحاد تاريخ ومصير

ت + ت - الحجم الطبيعي

انبثق فجر اتحاد دولة الإمارات قبل واحد وخمسين عاماً، على يد القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وإخوانه القادة المؤسسين، الذين سطروا أروع الصفحات في التاريخ بمداد من نور حينما عملوا على جمع الكلمة وتوحيد الصف، وبذلوا الغالي والنفيس لتحقيق هذا الإنجاز العظيم، حتى اجتمعت الإمارات السبع تحت راية دولة واحدة، وانطلقت في مسيرة البناء والازدهار تشق طريقها بكل طموح وإصرار، وتقطف الإنجازات إنجازاً وراء إنجاز، في ظل تلاحم أبنائها قيادة وشعباً.

إن الثاني من ديسمبر عام 1971 الذي ارتفع فيه علم دولة الإمارات عالياً خفاقاً مؤذناً بوحدتها المباركة هو يوم تاريخي بكل ما في الكلمة من معنى، هو نقطة بداية رسمت مصير أمة بأكملها، ومهدت الطريق لانطلاقة مشرقة أساسها التلاحم والتكاتف والتآزر بين مختلف فئات المجتمع.

واصطفاف جميع المكونات والشرائح خلف القيادة الحكيمة، إنه نقطة مفصلية بين حياة وحياة، بين حياة ما قبل الاتحاد وما كان فيها من مشقة وتعب وتفرق وقلة ذات اليد، وبين حياة ما بعد الاتحاد وما حصل بسببه من الرخاء والازدهار ورغد العيش والنقلات النوعية المذهلة في كل مجالات الحياة، الصحية والتعليمية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها.

إن الاتحاد تاريخ ومصير، تاريخ بما يحمله من إنجاز استثنائي خالد في أنصع صفحات التاريخ، أصبح نموذجاً ملهماً للمجتمعات، وتجربة وحدوية ناجحة ومميزة تتغنى بها الأمم، وأعظم إنجاز وطني يفتخر به شعب الإمارات صغاراً وكباراً، هو تاريخ خالد في ذاكرة الوطن، تتناقله الأجيال جيلاً بعد جيل، يروون فصوله، وما جرى فيه من عمل وتخطيط ومثابرة وتضحيات وتغليب للمصالح العليا.

وما تميز به قادة الاتحاد من الحكمة والحنكة وبعد النظر والأمل والطموح والغايات المشتركة، ليكون هذا الموروث الوطني كنزاً غنياً بالمبادئ والقيم، ونهراً جارياً تغرف منه الأجيال أجمل المعاني الوطنية وقيم المواطنة الإيجابية الصالحة وخصال زايد الخير التي تقوم على الأخلاق العالية والسماحة والمعاملة الحسنة مع الجميع والبذل والعطاء والإحسان.

لقد ضربت دولة الإمارات أروع الأمثلة في وحدتها وتلاحمها، وأكدت للعالم أجمع أن الاتحاد والتكاتف من أهم أسرار نجاح الأمم والحضارات ورقيها.

وقد كانت هذه القيمة متجذرة في وجدان مؤسس هذا الوطن الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي آمن بها إيماناً مطلقاً، وعمل على تحويلها من حلم إلى حقيقة، ومن طموح مأمول إلى واقع ملموس، وفي هذا الصدد قال الشيخ زايد، طيب الله ثراه: «لقد أدركنا منذ البداية أن الاتحاد هو السبيل لقوتنا وتقدمنا وهو الوسيلة لإسعاد المواطنين وتوفير الحياة الكريمة لهم وللأجيال القادمة بمشيئة الله».

وبهذه الروح العالية التي تحلى بها القادة المؤسسون قام صرح الاتحاد، ليصبح مصير هذه الأمة، وليغدو الشجرة الوارفة التي نستظل بظلها، ونقطف من ثمرها، وتتفرع أغصانها في شتى المجالات والميادين لتحصد المراكز الأولى، وليصبح الاتحاد هو السفينة التي يمخر بها الوطن عباب التقدم والازدهار، ويواجه بها التحديات باقتدار، فلا تميل هذه السفينة مهما عصفت بها رياح، لأن أبناءها متكاتفون يداً بيد طيلة مسيرتها المشرقة.

وقد أكد الشيخ زايد، طيب الله ثراه، هذه الحقيقة بقوله: «الاتحاد هو سبيلنا الوحيد لحياة أفضل، واستقرار أمكن، ومكانة دولية أرفع»، والواقع خير شاهد على هذه الحقيقة، فها هي دولة الإمارات أصبحت بعد الاتحاد دولة رائدة، لها مكانتها الكبيرة إقليمياً وعالمياً.

وقد أصبحت محط استقطاب وجذب لمختلف الجنسيات من حول العالم، حيث يعيش عليها أكثر من مائتي جنسية من شتى الدول، لما تتمتع به من مقومات الحياة الكريمة، فهي واحة للأمن والاستقرار، وهي أرض الفرص والمواهب، وتمتلك تشريعات وقوانين تضمن العدالة للجميع.

وفي اليوم الوطني الحادي والخمسين ترتفع أهازيج الفرح والسعادة، وتعم مشاعر الفخر والاعتزاز في نفوس المواطنين والمقيمين والزائرين، وفي هذا اليوم نجدد الولاء والعهد على المضي مع قيادتنا الحكيمة في خير هذا الوطن وريادته وصدارته، واضعين نصب أعيننا دائماً أن الاتحاد تاريخ ومصير، تاريخ نستذكره، ومصير مشترك نحافظ عليه.

* كاتب إماراتي

Email