لبنان.. أزمة مزمنة

ت + ت - الحجم الطبيعي

قبل ست سنوات كان لبنان قد دخل مرحلة فراغ رئاسي. حينها سئل الفنان زياد الرحباني عن ذلك، فرد بأسلوبه المسرحي «هل شعرت بأي فرق؟ نحن معتادون على بلد بلا رئيس أو بلا حكومة»، بمعنى أن شيئاً لا يتغير إذا شغر منصب الرئيس أو استمرت حكومة تصريف الأعمال.

مرّة أخرى، وبعد أسبوع يدخل لبنان فراغاً رئاسياً، ما لم تحصل معجزة اسمها «التوافق» في هذا البلد الذي وصف ذات زمن بـ«سويسرا الشرق». أين تكمن المشكلة التي تتكرر مع كل استحقاق رئاسي وحكومي وبرلماني؟

بادئ ذي بدء، لا يقف الأمر عند حد الخلل الإداري الذي غالباً ما يعالج بـ«تصريف الأعمال»، إذ إن لبنان يقف على حافة الانهيار الاقتصادي، وشعبه يواجه بؤساً غير مسبوق في معيشته، ما ينذر بانفجار اجتماعي يخرج عن السيطرة في بلد فيه من السلاح ما يفوق عدد سكان دولة أطلسية.

إذن الفراغ الرئاسي أو الحكومي ليس سبباً لشيء بل نتيجة واقع مركب بطريقة أنتجها زمن استعماري، بحيث صاغ دستوراً وأنبت تقاليد وأعرافاً بعضها بات موروثاً غير مكتوب.

مشكلة لبنان الأساسية تكمن في دستور المحاصصة الطائفي، وهذا ليس خللاً شكلياً، بل علّة جوهرية من ناحية أنها تأخذ ابن البلد من حيز المواطنة إلى حيز الطائفة، وتنتزع من قلبه الانتماء للوطن، وتزرع بدلاً منه ولاء للطائفة ومن ثم المذهب.

الإيجابيات تتشكّل كسلسلة، والسلبيات كذلك. وفي الحالة اللبنانية، كل خلل يستنسخ نفسه ويتوسع، فالخلل الطائفي أنتج حالة تجاذب وولاءات لجهات خارجية انعكست تعارضاتها وخلافاتها، وأحياناً حروبها، على لبنان.

ما من حل سحري يأخذ لبنان بعيداً عن مآسيه، سوى صحوة تدفع قيادييه الوطنيين لنشاط استثنائي يبني بلداً على أساس المواطنة أولاً، بعد ذلك تسهل فكفكة العقد.

Email