الأشقاء في العلمين

ت + ت - الحجم الطبيعي

التوقيت مهم، الرسائل واضحة، خمسة زعماء في ضيافة مدينة العلمين، اللقاء أخوي ممزوج بروح العروبة، المصير واحد، والتحديات مشتركة، وتوقيت الأمة يتطلب إرادة القوة والتماسك العربي، ومجابهة المتغيرات الإقليمية والعالمية، الخرائط السياسية في المنطقة تعيد رسم نفسها، بما يتماشى مع خرائط تشهد ميلاد نظام عالمي جديد. جغرافيا التاريخ، تكتب بوصلة التحرك نحو المستقبل.

الفرصة العربية واضحة، استثمارها والبناء عليها مسار إجباري، لا يقبل القسمة على وجهات النظر، تطابق الرؤى والأهداف استراتيجية وطنية، أكدها اللقاء الأخوي الذي جمع الرئيــــس عبد الفتـــاح السيـســي في مدينة العلمين بأشقائه قادة وزعماء الإمارات والعراق والأردن والبحرين، القضايا والملفات المهمة كانت حاضرة بقوة على مائدة اللقاء الأخوي، فقد حرص القادة والزعماء على تجديد دعمهم للجهود والمساعي التي تهدف إلى ترسيخ الأمن والسلام، والاستقرار، والتعاون المشترك على مختلف الأصعدة، وترسيخ دعائم الثقة والاحترام المتبادل بما يلبي تطلعات جميع شعوب المنطقة في التقدم والبناء والتنمية.

يكتسب اللقاء الأخوي أهميته ورسائله ودلالاته من عدة مرتكزات مهمة، تأتي في مقدمتها العلاقات التاريخية الراسخة بين مصر والأشقاء العرب، فعلى سبيل المثال نجد أن العلاقات بين مصر والإمارات، تمثل عنواناً قوياً يقاس عليه داخل العلاقات العربية، فالعاصمتان تمثلان رمانة الميزان القوية لتحقيق التوازن، والسلام والاستقرار والحفاظ على الأمن القومي العربي، فضلاً عن الثوابت التي تجمع الدولتين، لا سيما التي تتعلق بفكرة الحفاظ على الدولة الوطنية وتحقيق مبدأ السلام والتسامح، ونبذ العنــف والتمييــز، ومواجهــة الإرهــــاب والتنظيمات المتطرفة.

لا شك أن العلاقات المصرية - الإماراتية، تمثل نسقاً وطنياً يقاس عليه في المراحل الصعبة التي تمر بها الأوطان، فدائماً هناك تقارب في الرؤى والمراحل الفاصلة من عمر المنطقة على مر التاريخ، الأمر الذي منحهما قوة وقيمة مضاعفة إقليمياً ودولياً، حيث شكلتا معاً رافعة سياسية للقضايا العربية، فالعلاقات تستند على الوعي والفهم المشترك لطبيعة المتغيرات الإقليمية والدولية التي شهدتها وتشهدها المنطقة، وأهمية التعامل معها بسياسات ومواقف متسقة ومتكاملة ترسخ الأمن العربي والإقليمي، وتحافظ على استدامة التنمية في دولها، ويحظى البلدان بحضور ومكانة دولية خاصة مع ما تتميز به سياستهما من توجهات حكيمة ومعتدلة ومواقف واضحة في مواجهة التحديات الإقليمية المرتبطة بإرساء السلام، ودعم جهود استقرار المنطقة، ومكافحة التطرف والإرهاب، وتعزيز الحوار بين الحضارات والثقافات.

الأمر نفسه يمتد بين القاهرة وبغداد، إذ إن العلاقات المصرية - العراقية، حضارية وتاريخية، ونتذكر جيداً رسائل الرئيس السيسي في قمة بغداد للشراكة والتعاون في أغسطس 2021، إذ إن الرئيس السيسي أكد بشكل قاطع وفاصل، أهمية تقديم كل أنواع الدعم والتعاون للعراق وشعبه، على جميع المستويات، فدائماً تؤمن القاهرة بالدور المحوري والمهم الذي تلعبه بغداد، ومن ثم فإن عودتها واستعادة عافيتها تعد من الأهداف التي تتصدر أولوية قصوى للدولة المصرية.

من بغداد إلى عمان، نتوقف أمام تاريخ مفصلي لا يمكن إغفاله، فالملك عبدالله الثاني، عاهل الأردن، كان أول زعيم عربي يزور القاهرة عقب ثورة 30 يونيو عام 2013، التاريخ يقدر هذه الرسالة، والتوقيت يحدد مسار المستقبل في العلاقات المصرية - الأردنية، عمق كبير في مسارات المصلحة الوطنية للقضايا العربيـــة المشتركـــة، ليـس فقــط التي تتعلق بالقاهرة - عمان، بل التي تشكل أهمية بالنسبة لجميع العواصم العربية، فضلاً عن وجود قضايا وملفات حيوية تستحوذ على اهتمام الدولتين، خصوصاً القضية المركزية «القضية الفلسطينية» إذ إن الدولتين تسعيان دائماً وبكل قوة من أجل حل الدولتين «الفلسطينية - الإسرائيلية» وإقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.

الروح العربية الوطنية نفسها تتجسد في العلاقة بين القاهرة والمنامة، اللتين تحرصان دائماً على تعزيز وتعميق التعاون في مختلف الجوانب بين العواصم العربية، من أجل الحفاظ على تحقيق استقرار المنطقة، والحفاظ على الخرائط الوطنية.

إذاً جاء اللقاء الأخوي بمدينة العلمين، ليؤكد أن بوصلة العمل العربي، تسير في الطريق الصحيح، وأن تعميق الوحدة والتماسك العربي بات هدفاً استراتيجياً يعمل عليه القادة والزعماء العرب.

Email