فتاة الإمارات.. النموذج والحضور

ت + ت - الحجم الطبيعي

منذ نشأة الدولة، دولة الإمارات العربية المتحدة قبل أكثر من خمسين عاماً، وبتوجيه مباشر من الباني المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيّان، طيب الله ثراه، كان للمرأة الإماراتية الحضور العميق الصحيح الذي يليق بأصالتها ودورها العظيم في بناء المجتمع شريكاً فاعلاً يخوض معركة البناء بكل أصالة واقتدار، وفي الثامن والعشرين من أغسطس من عام 1975 تم الإعلان عن تأسيس الاتحاد النسائي العام تعبيراً عن الدور الفاعل والإسهام الحقيقي للمرأة التي انخرطت في العمل، ولم تقبل بالدور الهامشي في الحياة، ثم تمّ تتويج هذه الجهود بإعلان سموّ الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام عن يوم المرأة الإماراتية بتاريخ 28 أغسطس 2015 م، ليكون ذلك اليوم تعبيراً رمزيّاً عن المكانة المتميزة للمرأة في الوجدان الإماراتي على المستويين الرسمي والشعبي، ولتظلّ هذه المناسبة صادقة الدلالة على الاحترام الصادق العميق الذي تحظى به المرأة الإماراتية من القيادة والشعب تقديراً لدورها الثمين في بناء الوطن ورفد مسيرته في التنمية والبناء والإعمار.

وتعبيراً عن الحفاوة الصادقة والتقدير الأصيل للمرأة الإماراتية في يومها المجيد نشر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبيّ، رعاه الله، مقطعاً بديعاً بصوته الواثق على حسابه في «إنستغرام» أشاد فيه بالدور الريادي للمرأة في وطننا الزاهر، وبالحضور الكثيف لها في جميع مؤسسات الدولة، وبما تتميز به من الحرص الشديد على طلب العلم والمعرفة، معبّراً بذلك عن احترامه للمرأة الإماراتية، وتقديره الثمين لدورها الرائد، وتصميمه الذي لا حدود له على مواصلة دعمها حتى تواصل مسيرتها في الإعمار والبناء من خلال الشعور العميق بالثقة بالنفس والوطن.

«المرأة روح المكان، ومكان الروح» بهذه العبارة المتوهّجة بالصدق والاعتزاز والثناء يفتتح صاحب السمو حديثه الرائع النبيل عن المرأة الإماراتية، منطلقاً من فكرة الروح التي هي سرّ الأسرار في كل شيء، سرٌّ استأثر الله تعالى بعلمه لشدة خفائه وعمق تأثيره، وكذلك هي المرأة، لا قيمة للأمكنة من غير وجودها، وتصبح الأمكنة كالجثة الهامدة والبلاد الخاوية حين تغادرها المرأة، فهي وبدون أدنى مجاملة عنصر الحياة والحيوية، وإنّ الرجل وفي جميع أطوار حياته لا يستغني مطلقاً عن وجود هذا النصف الذي يكتمل به، وتكتمل به نعمة الحياة، فإذا كانت المرأة هي روح المكان، فهي أيضاً بحسب عبارة صاحب السموّ مكان الروح، فإليها تهفو الروح، وإلى طلعتها يحنّ القلب، ولا ترتاح الروح مطلقاً ولو كانت في أروع الأمكنة إلا إذا كانت تسكن إلى روح المرأة التي تُبدّد وحشة الحياة، وتضيئها بالأمل والألق والحب والسكينة.

«حوالي سبعين بالمئة من الخريجين هم من العناصر النسائية» وإذا كانت عبارة الافتتاح تحتفي بعمق الحضور الروحي للمرأة داخل الوجدان الإنساني، فإنّ هذه العبارة من حديث صاحب السموّ تحتفي بكثافة الحضور النسائي في عملية التعليم التي هي المؤشر الأكبر على الحيوية الروحية والثقافية والاجتماعية للمجتمع، فهناك ما يتجاوز نسبة الثلثين في الجسم التعليمي قد استأثر به العنصر النسائي تعبيراً عن الحرص الشديد على مواكبة الحياة العلمية ثم الانخراط الفاعل في مسيرة الدولة في البناء والإعمار، وهذا ربما ممّا تتميز به دولة الإمارات، ويعبّر عن عمق العناية التي تحظى بها المرأة من القيادة والأسرة، فالحرص على تعليم المرأة هو أحد أهم أمارات العافية الروحية للمجتمع، لأنّ على عاتق المرأة يقع العبء الأكبر في مَدّ الحياة بالعناصر الصالحة والإسهام الفاعل في مسيرة البناء، فمتى لم تكن متعلمة فلن تكون قادرة على إنجاز هذه المهمة التي هي أشرف المهامّ وأكثرها عطاء وانتماء.

«لو تروح لمكتبي خمس وثمانين من العنصر النسائي» في هذا المقطع ينتقل صاحب السمو الشيخ محمّد بن راشد من العام إلى الخاص للدلالة على المكانة الفريدة للمرأة في الحياة العامة، فيؤكّد على كثافة وجود العنصر النسائي في مكتبه باعتبار أنّ ذلك المكتب هو المسؤول عن تسيير شؤون الحياة، وحين تصل المرأة إلى هذه المرتبة من حيث الثقة بها، وتكليفها بالمسؤوليات الجسيمة فهذا يعني أنّها قد حقّقت كل معايير النجاح والتفوق إلى الحدّ الذي يبوّئها هذه المناصب الحساسة، وهذا الموقف من صاحب السمو هو الدعم العملي التطبيقي لقدرات المرأة ومواهبها، فدعم المرأة لا يكون بمجرد الإشادة بها بل من خلال إفساح المجال لها لكي تنخرط بكل قواها في بناء الدولة وتوجيه دفة الحياة في جميع مرافق المجتمع.

«فأنا أتعشّم فيهم الخير، العنصر النسائي يجتهدون ويتعلمون أكثر ولهم مستقبل كبير» ثمّ كانت هذه الخاتمة الراقية التي تؤكّد عمق الثقة بالمرأة الإماراتية التي نتوسّم فيها الخير ونضع ثقتنا بها، ونعرف كم تبذل من الجهود في سبيل تحصيل العلوم والمعارف بحيث تضمن لها الحضور الفاعل في بناء المستقبل الزاهر لهذا الوطن الذي يستحق من الجميع بذل المزيد من الجهد في سبيل رفعته وأمنه وازدهاره.

Email