الإيذاء بطرقه المختلفة

ت + ت - الحجم الطبيعي

عندما تجلس في مجلس، ويؤذيك أحدهم بكلمة أو بسفاهته، أو بهجوم شخصي عليك، فلا تلُمْ أحداً، ولا تصب جام غضبك على الآخرين.

فهذا خيارك، وهذا قرارك، فلم يلزمك أحدهم على مجالسة الجاهل أو الغضوب أو الحقود أو الحسود، فمن لا يناسب معرفتك ولا علمك، ولا يملك خبرات ومبادئ، ابتعد عنه.

أبو القاسم محمود بن عمر، والذي عرف بالزمخشري الخوارزمي، عالم النحو، ومن أهم كتبه «الكشاف»، و«المفصل»، يقول: «جالس العقلاء أعداء كانوا أم أصدقاء، فإن العقل يقع على العقل».

والذي يقصده هذا العالم، وكل حكيم، أحسن اختيار الصحبة والرفقة، ومن تجلس معه، واختر دوماً ذوي العقول، مهما كانوا، لأنهم ينصفونك حتى من أنفسهم.

قد تشاهد نماذج من الإيذاء في مقر عملك وفي الشارع وفي أي موقع ومكان خصوصاً في المرافق العامة. عندما يقوم أحدهم بالتلفظ وإلقاء كلمات قاسية، ويمضي، تظل هذه الكلمات مترسبة في العقل والوجدان تسبب لك جرحاً داخلياً، هو يذهب وقد كسر شيئاً في داخلنا دون أي سبب وفي اللحظة نفسها لا يجد الردع والعقاب. يقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «ولربما ابتسم الوقور من الأذى.. وفؤاده من حرّهِ يتأوه».

مقولة للممثل الهزلي الشهير شارلي شابلن يقول فيها: «الحياة قد تصبح رائعة إذا تركك الناس وشأنك»، في الحقيقة نحن نطبق هذه المقولة بطريقة أو بأخرى، وفي اللحظة نفسها لا نستغني عن الناس، بل نحتاجهم تماماً حتى منهم مقربون منا، وعلى الرغم من هذا نردد مثل هذه المقولات وكأنها تصف حالنا المؤلم مع الناس، وكأن أفراد المجتمع الذي نعيش فيه لا وظيفة لهم إلا التنكيد علينا وحسدنا. من يستغني عن الناس ومساعدتهم؟ وما هي الحياة دون الرفقة والأصدقاء وأطياف مختلفة من أفراد متنوعين موجودين في كل مجتمع كل واحد له وظيفة ودور يقوم به؟

من الطبيعي أن يوجد حسد وأحقاد وخصامات، وتوجد اختلافات وشجار، قد يكون سببها أنت وقد يكون سببها الآخرون، لكن من غير الطبيعي أن يكون سلوكنا شاذاً ونشازاً بأن نبرر عزلتنا وابتعادنا عن محيطنا الاجتماعي بأنه محاولة للهروب من شر الناس بهذه العمومية المقيتة؛ ففي الناس أخيار وصالحون ومن بينهم من يتمتع بخصال فريدة من الكرم والإنسانية، وكأي مجتمع يوجد من هو غير هذا، فلنرحم أقرباءنا وأحبتنا من بعض الكلمات المؤذية.

 

 

 

 

 

Email