الغضب.. جنون مؤقت

ت + ت - الحجم الطبيعي

من منا لم يتعرض لموقف في حياته أفقده تركيزه وأخرجه من أطواره وجعل الغضب يتلبسه من كل جانب، إن مواقف الحياة عديدة ومتنوعة، خصوصاً تلك المواقف التي تتعطل فيها لغة الكلام وتتوقف فيها كل الحواس عن محاولة الشرح والتفصيل. جميعنا نغضب ونعبر عن هذا الغضب بطرق متنوعة، لعل ما يجمعها أنه تعبير خارج عن السيطرة وبعيد عن الحكمة. لذلك نعتبر أن الأشخاص الذين يتمتعون بالحلم والأناة وسعة البال مميزين ونضرب بهم المثل، وهم، بالمناسبة، نادرون، أو إن أعدادهم قليلة إذا تم مقارنتها بقائمة الغاضبين الذين تتملكهم العصبية بسرعة.

لكن هذه الحالة الغاضبة لا تنم عن الشجاعة أو التميز، بقدر ما أنها توضح وهن الشخص الغاضب وتواضع تفكيره، واستسلامه التام للمنغصات والمستفزات والتي هي واقع في حياتنا اليوم ولا فكاك منها، بل إن الغاضب ضعيف، واستحضر شاهداً قد يكون مناسباً في هذا السياق لإليزابيث كيني، التي قدمت للعالم مبادئ مهمة في تأهيل العضلات وأساس العلاج الطبيعي، حيث قالت: «من يستطيع أن يجعلك غاضباً فهو يستحوذ عليك». وإذا أمعنا النظر ملياً في هذه الكلمات، فإننا سنجد أنها حقيقة وتنطبق على واقع الكثير منا، خصوصاً أولئك الذين يغضبون بين وقت وآخر، وفي أحيان يكون غضبهم على أمور متواضعة جداً. هم في الحقيقة ضعاف ولا مقدرة لديهم للسيطرة على مشاعرهم الذاتية، ويعبرون عن هذا الخوف بطريقة تشبه الجنونية. وكما قال الشاعر الروماني القديم هوراتيوس: «الغضب هو جنون مؤقت»، لذا أعتقد أن الإنسان الذي لا يستطيع التحكم في انفعالاته وعواطفه النفسية، غير قادر على التحكم والقيادة لما هو أهم وأكبر وأعظم.

‎بطبيعة الحال، إن لهذه الحالة العصبية تفسيراً علمياً، وقد وضع العلماء برامج علاجية، وأعتقد أن كل إنسان يشعر أنه يغضب دوماً على كل صغيرة وكبيرة، يجب أن يتوقف مع نفسه، ويراجع مشاعره جيداً، ويبحث عن علاج فوراً، وإذا لم يفعل فإن الأمراض ستداهمه وستقضي عليه، لأنه يأكل نفسه بهذا الغضب، ويدمر جهازه العصبي الذي سينتج جملة من الأمراض الجسدية.

Email