تونس بين مسارين

ت + ت - الحجم الطبيعي

بلاد السياحة والحضارة لا تستحق أن يسكنها الظلاميون، ما تشهده تونس الآن، هو إصرار وإرادة وقدرة على التحدي، واستعادة للهوية الوطنية.

حركة التاريخ لن تتوقف عند توقيت الجماعة الإرهابية، فحكمها كان عابراً وهشاً، لا يليق بتاريخ الأمم الوطنية.

الجماعة الإرهابية لم تتوقف لحظة واحدة عن حشد قواها، من أجل السيطرة على كل مفاصل الدولة، واعتبرت أن تونس هي نقطة ارتكاز للانطلاق إلى باقي العواصم العربية، راودها الأمل بعودة الروح مرة أخرى، بعد أن عزلتها في مصر ثورة 30 يونيو العظيمة.

الرئيس التونسي قيس سعيد أدرك مبكراً، منذ أن تولى مهمة قيادة الدولة التونسية، أن الجماعة الإرهابية وفروعها حول العالم، تخطط لاختطاف تونس ومؤسساتها، قدمت الأجهزة الأمنية جميع المعلومات للرئيس التونسي، استطاع كشف مكامن الخطر والتآمر والتهديد، الذي يُحاك لتونس، شعباً ومؤسسات، فجاءت قراراته يوم 25 يوليو 2021، لتضع النقاط فوق الحروف، وتُطمئن الشارع التونسي، بأن القيادة السياسية تنحاز إلى خيارات الشعب، وأن الهدف هو إعادة تونس إلى مسارها الوطني، وتحريرها من قبضة المشاريع العابرة للحدود، التي تقف خلفها تنظيمات دولية، تهدف إلى تحويل تونس الحضارية إلى ولاية إرهابية.

يوماً بعد الآخر نكتشف أن الرئيس التونسي يتخذ المسارات المستقبلية الصحيحة في الأوقات الصعبة، وأن وجهة نظره ورؤيته تستندان إلى تقدير موقف مدروس، ومعلومات دقيقة، فقد استطاع الرئيس التونسي بالتضافر مع مؤسساته الوطنية أن يجهض محاولات عديدة لحركة النهضة وعناصرها، لاغتيال عدد من الرموز وكبار الشخصيات، وفي مقدمتهم الرئيس التونسي قيس سعيد.

المعلومات التي فضحت المؤامرة الإخوانية جاءت في الوقت المناسب، بل أكدت أن الأجهزة الأمنية الوطنية لديها القدرة على اختراق دوائر التنظيمات الإرهابية، وفك شفرة امتداداتها في الخارج، وبعد أن تجمعت لديها كل خيوط الجرائم قدمت السلطات التونسية المتهمين إلى السلطات القضائية، وفي مقدمتهم راشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة الإخوانية، فضلاً عن منع العناصر المتهمة من الهروب خارج البلاد. المخطط كبير، وإسقاط الدولة التونسية هدف رئيسي من قبل التنظيم الدولي للإرهاب، الذي يعمل على صناعة دورة جديدة من دورات ما يسمى الربيع العربي.

إذن من يقرأ تفاصيل ما يحدث الآن في الشارع التونسي يتأكد له أننا أمام مسارين: المسار الأول يتعلق بحالة الفوضى، التي تصنعها وتديرها حركة النهضة، بهدف تمزيق الدولة التونسية، وتأليب الرأي العام، وزراعة الفتنة بين الشعب والقيادة السياسية، ومحاولة السيطرة على مفاصل الدولة، والعمل على «غنوشة» الهوية التونسية، والانتقال بها من مربع الدولة إلى مربع الساحة والاقتتال، والدفع نحو «بلقنة» تونس، بما يحولها إلى نموذج الدولة الفاشلة.

أما المسار الثاني فهو مسار التصحيح والإنقاذ والبناء، وهو المسار الذي يقوده الرئيس قيس سعيد، ومن خلفه الشعب التونسي، إذ إن الرئيس التونسي يحرص كل الحرص على إعادة بناء الدولة، وتطهيرها من الأخطار والجماعات الظلامية، ويتخذ كل القرارات التي تسهم في تثبيت وترسيخ أركان الدولة، وتحقق لها التعافي، والخروج من الأزمات، التي عاشتها طوال عقد مضى، والسعي الدؤوب لبناء دولة تحترم الدستور والقانون، وتحمي مصالح الجميع، وتقف على مسافة واحدة من كل أبناء الشعب التونسي، وهو ما يعكسه مشروع الدستور الجديد المزمع الاستفتاء عليه 25 يوليو الجاري.

لا شك في أن هذا المسار يتضمن مواجهة جميع التحديات التي تواجه الدولة، سواء داخلياً أم خارجياً، ويعزز مناعة الدولة ضد أية محاولات ظلامية، تحاول التسلل من جديد إلى جسد وروح وهوية الأمة، ما يحدث على أرض الواقع الشواهد تؤكد أن تونس لن تعود إلى الوراء مرة أخرى، ولن يسمح الشعب بطبعة جديدة من «الغنوشة».

 

Email