السنوات تجارب ودروس

ت + ت - الحجم الطبيعي

نحن، ودون أن نشعر، نقوم بين وقت وآخر، بممارسة أعمال لا تنم عن الذكاء، ولا تدل على فطنة ومعرفة بطرق الحياة، أو الاستفادة من دروس أناس سبقونا، وهم أكثر خبرة منا، بل نحن في أحيان لا نستفيد مما نكتبه ونقرأه، وهذا يؤذينا، ويسبب لنا الحزن والألم.

في أحيان تجدنا نركز على نقطة محددة، ونبذل لمعالجتها الشيء الكثير من الوقت والجهد، ولكن في الحقيقة، هذا خطأ، لأن هذا الجهد والطاقة، يفترض أننا بذلناها في شيء آخر ومختلف.

يقول الطبيب سيغمون فرويد، الذي يعتبر مؤسس علم التحليل النفسي: «نحن نسعى لأن نتجنب الألم، أكثر من سعينا لأن نجد السعادة». ومع الأسف، هذا الخطأ الذي نقع فيه دوماً، نركز على أمور وجوانب، ونعتقدها هي الصواب، والحقيقة بعيدة تماماً عن هذا الجانب، كمن يبحث عن نظارته وهي معلقة بين أذنيه.

قال المؤلف بيرثولد أورباتش: «تعلمنا السنوات أكثر مما تعلمنا الكتب». وهو محق تماماً، بل إن دروس السنوات أكثر بلاغة وأقوى، وكأنها تنحت في عقولنا مكاناً دائماً، بينما ما نتعلمه في المدارس، يأتي انتقائياً ومركزاً على معلومات منتخبة، وتم اختيارها، وقد لا تكون عامة ولا شاملة لكثير من جوانب الحياة، وهنا، لا تكون متماسة مع حياتنا، أو ليست متقاطعة معها، أو ليس لها تأثير حقيقي وعميق فعلاً في تفاصيل حياتنا، أو جزء كبير منها، كأنها منفصلة وبعيدة عنها تماماً، لذا، نسمع بين وقت وآخر، من يقول بأن المدارس لا تعلم، وأن المدارس لا تعطي دروساً حقيقية عن الواقع الذي نعيشه.

ما نكتسبه من خبرات ومعارف، من خلال الفعاليات والنشاطات الحياتية، في العادة تكون أكثر دهشة وأكثر في قربها من القلب. والذي يحدث في هذا الزمن، أن هناك كثيرين يخفى عليهم أهمية مثل هذه التجارب وعمقها وفائدتها لهم، لذا، تجدهم يرفضون الإصغاء لأهل الخبرة، ولمن هم أكبر سناً منهم، مثل آبائهم وأمهاتهم، فيرتكبون الأخطاء، ولو أنهم استعانوا بأهل الخبرة، لما وقعوا فيها، وفعلاً، السنوات مدرسة تنحت التجارب في عقولنا وقلوبنا.

Email