عندما تكون المفردات قاسية

ت + ت - الحجم الطبيعي

نحن نتحدث كثيراً، ودون هوادة، وفي غمرة الحديث لا نحاسب على بعض المفردات التي نصدرها تجاه الآخرين، رغم أن هذه الكلمات قد تكون قاسية وظالمة، ونحن أيضاً نمارس بعض الأعمال ونقوم ببعض الممارسات غير الإيجابية تجاه البعض من الناس، سواء كانوا مقربين أو بعيدين عنا. وفي هاتين الممارستين اللفظية والفعلية، في الحقيقة نحن نقوم فقط بتحديد وإظهار شخصيتنا أمام مجتمعنا، في الحقيقة نكشف إذا كنا أصحاب مبادئ قويمة، أو أننا هامشيون وسطحيون. عالم علم الاجتماع ابن خلدون، واسمه عبد الرحمن بن محمد، ابن خلدون أبو زيد، يقول: «يوزن المرء بقوله، ويقوّم بفعله». فانتبه لما تقوله وحذار لما تفعله...

الذي يحدث في كثير من أرجاء عالمنا العربي، هو أنه يحدث صراخ وتعصب مقيت، ويصل هذا جميعه لحالة غريبة من التسفيه وإلقاء التهم، ولعل مواقع التواصل الاجتماعي، خير شاهد وتحمل دلالات مثل هذه الغوغائية، ورغم هذا عندما تقرأ من يعلق بعد أن ينسحب أحدهم من معمعة الشتم والتحقير التي تعرض لها، وقام بحظر أو إلغاء المتابعة ليكف نفسه شرور الكلمات اللاذعة القاسية التي تعرض لها، تجد أن من شتمه وسفه، متبجحاً ويقول بزهو: لقد انسحب بعد أن أسكتته الحجج التي سقتها عليه، ولم يجد أمامه أي وسيلة للرد، وعرف أنه صاحب ضلالة وأنه على خطأ.

وفي الحقيقة الطرف الآخر انسحب ليس لأنه على خطأ، لكنه لم يتمكن من الهبوط لنفس المستوى الأخلاقي في الحوار، ولا يستطيع أن يستخدم نفس المفردات اللغوية المتواضعة، لذا أدرك الخطأ بالحديث والحوار مع شخص يفتقد المهارة الأخلاقية والإنسانية لممارسة هذا الفعل الحضاري، لذا انسحب، الآخر الذي لا زال في غيه، لا يفسر هذا الصمت على أنه احتجاج على سوء أخلاقه وتواضع تربيته، لكنه يعتبره انتصاراً له، وهذه المعضلة الحقيقية التي نشاهدها دوماً، وهي التي تجعل هؤلاء على درجة عالية من التبجح الغبي.

Email