التغافل صفة الحكماء

ت + ت - الحجم الطبيعي

عندما نتجاوز مرحلة الطفولة، والتي فيها نكون في غطاء من الحماية الأبوية، أول ما نحتاج لتعلمه هو كيف نحمي أنفسنا، كيف نعوّدها على الصبر، وأيضاً التغافل.

لأننا منذ تلك اللحظات التي نعتمد فيها على أنفسنا نكون كمن انكشف الغطاء عن رأسه، وبات تحت ضوء الشمس التي ستلهبه، عندما تسير في الحياة فأنت ستواجه أشكالاً متعددة من الناس، وستتعامل مع أصناف مختلفة ممن لهم اهتمامات متباينة ونفسيات أيضاً متغيرة ومتقلبة، فهذا سيجرحك بكلمة، وذاك سيطردك، وثالث سيتجاهلك، ورابع لن يحترمك، وخامس في الشارع سيتجاوزك بعنف، وسادس سيدفعك ويتذمر في وجهك، ووو إلخ.. جميعهم قابلهم بفضيلة التحمل والصبر.

بل افعل كما قال وأوصى به الناقد الأدبي مولي هاسكل: «اعتقادي أنني أتحمل ما لا يحتمل، هو الذي يساعدني على الاستمرار».

ولكننا جميعاً نعرف وندرك أن فضيلة الصبر والتحمل وأيضاً التغافل لا تأتي وتتحقق بقرار يتخذ ويطبق، بل بسلوك تلزم النفس بممارسته والتعود عليه، صحيح أنه لو تم تربيتنا وفق هذه القيم لاختصرنا على أنفسنا الكثير من المعاناة، ولكن هذا لا يعني ترك هذه المبادئ، بل السعي نحوها وتطبيقها وتدريب النفس على اتباعها.

لن تجد إنساناً خالياً من العيوب، أو صديقاً كاملاً، لأنك أنت نفسك كلك نواقص وعيوب، وهذه النواقص هي التي تؤدي بنا في نهاية المطاف نحو الأخطاء وارتكابها.. والذي نصل له، اقبل وسامح، وكما يقال «فوّت»، ولنترك الأمور تسير، ولا تكثر التدقيق والملاحظة، لأن هذا يفسد أكثر من الإصلاح، فمن الذي يريد أن يسمع النقد يومياً وبشكل متكرر؟.. لذا «فوّت»، وفي أحيان تغافل، ولعل هذا واحداً من الأثمان التي ندفعها لنجد بقربنا البعض من الأصدقاء.

Email