زايد.. المؤسس القائد

في وطني الإمارات العربية المتحدة مدرسة مستنيرة للحكمة والقيادة تتجلى على شكل حلقات متواصلة منذ عهد التأسيس الأول قبل أكثر من 50 عاماً حين نهض بأعباء بناء الدولة وتأسيس الاتحاد المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، الذي لا يختلف اثنان على عمق بصيرته، ورجاحة عقله وحكمته حتى غدا بين زعماء العرب شيخاً للحكمة وملاذاً لكل خلاف ينشأ بين العرب، فعن رأيه يصدرون، وبنور كلماته يستبشرون، فقد كان رجلاً عظيم الهمة كبير القلب، نافذ البصيرة، يؤازره في تجذير هذه المدرسة وتشييد بنيانها رجل لا يقل عنه حكمة وقوة قلب ونور بصيرة هو طيب الذكرى المغفور له بإذن الله الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، رحمه الله، الذي ترك أعمق البصمات في كل زاوية من زوايا الحياة في وطننا الحبيب، وعلى عين هذين الشيخين تم بناء كوكبة من القادة الشجعان أصحاب الرأي والبصيرة والإقدام.

ويتمتع سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، ببصيرة نادرة في الحكم والإدارة وصناعة القادة وفرق العمل الجسورة التي تتحمل أعظم الأعباء في مسيرة بناء الوطن وتنمية مرافقه في جميع مسارات الحياة.

وها هو ومنذ أكثر من 50 عاماً ما زال يواصل مهام البناء واقتحام الصعاب وصناعة المستحيل، ولا يكاد ينتهي من إنجاز عظيم حتى تكون عينه قد صوبت نحو إنجاز آخر يتفوق على سابقه بكل تأكيد، فهو مسكون بهاجس المستقبل، ويراهن عليه أكثر من رهانه على الحاضر، ومن كان شديد التركيز على المستقبل كان مسؤولاً حتماً عن صناعة القادة الذين سيحملون أعباء بناء المستقبل، وتأكيداً لهذه المهمة القيادية الجليلة يواصل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نشر ثقافة القيادة المؤسسة على الخبرات والأعمال من خلال وسمه المتميز «ومضات قيادية»، حيث يوظف خبراته العلمية والعملية والشخصية في تنوير العقول للأجيال القادمة التي ينتظرها الكثير من العمل، وفي هذا السياق من الاهتمام بهذا الأمر نشر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد ومضة قيادية على حسابه في «إنستغرام» أعاد فيها الفضل لأهله حين أشاد بالباني الأول الشيخ زايد، رحمه الله، الذي كان له أعظم الأثر في بناء السمعة الدولية الطيبة لدولة الإمارات العربية المتحدة، لتكون هذه الإشادة تأكيداً على تواصل حلقات الرجال القادة الذين صنعوا هذا الوطن الكبير بأبنائه وقادته وإنسانه.

«اللي توصلت له دولة الإمارات من سمعة طيبة والتقدم اللي صار، هو بفضل الشيخ زايد طيب الله ثراه، وصار في كل دول العالم اسم دولة الإمارات معروف»، بهذا النبل الإنساني الفريد يرجع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الفضل الكبير للشيخ زايد، رحمه الله، فيما وصلت إليه دولة الإمارات العربية المتحدة من سمعة دولية طيبة ومكانة حضارية مرموقة تتجلى في احترام المجتمع الدولي للإمارات قيادة وحكومة وشعباً وحصول الإمارات على مراكز متقدمة في مؤشرات حضارية لا تحصل عليها كثير من الدول المتقدمة، فضلاً عن وتيرة التقدم الشامل في جميع مسارات الحياة لا سيما في التعليم والصحة والحياة الاقتصادية والاجتماعية والعلمية والثقافية، حيث تحتل الإمارات موقعاً متقدماً جداً في المشهد الإنساني، فهذا المنجز الحضاري الكبير قد تم بناؤه وترسيخه والامتداد به في جميع الآفاق على يد ذلك الباني الكبير الذي نذر نفسه لوطنه وشعبه، وقدم نموذجاً متفرداً في القيادة الحكيمة، رحمه الله، فبفضل جهود ذلكم الباني الكبير حققت دولة الإمارات العربية المتحدة هذه المكانة الدولية الرفيعة التي لا يختلف اثنان على صحتها وتحققها في الواقع المنظور.

«فأنتم الوجهاء تمثلون الدولة، نحن نريدكم تمثلونها في كل المجالات، هناك فرص كبيرة قدامنا أن نقود». وبذكاء القائد الملهم يلتفت صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم من الماضي الزاهر الذي رسخ بنيانه ذلكم القائد الفذ الشيخ زايد، طيب الله ثراه، إلى المستقبل المشرق حين يخاطب القادة المقبلين بأنهم يمثلون الدولة حين يتسنمون المناصب القيادية، وهذا يعني مزيداً من تعميق الإحساس بالمسؤولية، فتمثيل الدولة ليس نزهة إدارية بل هو عمل تحت الضوء، ويترتب عليه الكثير من المنجزات والخطوات المرتبطة الحلقات، فإذا وقع التقصير في جهة ما، انعكس ذلك حتماً على كثير من الجهات، وكذا القول في روعة النجاح والتميز، فإن النجاح يؤدي إلى نجاح آخر، ومن هنا يؤكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في خطاب هؤلاء القادة على أنهم يمثلون الدولة في جميع المجالات مع فتح الباب واسعاً على ما لا يحصى من الفرص التي تحتاج إلى القادة المتمرسين الشجعان الذين يمتلكون الخبرة والجرأة والإقدام، فعلى كاهل هذه النماذج القوية يقوم بناء الدولة، وتستمر مسيرة الإعمار والبناء والتقدم.

مفهوم القيادة

«والقائد مب لازم أنّه يقود جيش، القائد يقول: أنا القائد، وأنا أقود مجموعتي، وأقود عملي، وأُصبح قائد، وأنا أحاول أن تكون سمعة دولة الإمارات طيبة، وأرجو منكم أن تكونوا فريق واحد». وبهذه الكلمات الرائعة الرصينة التي تعلو فيها نبرة القائد يختتم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد هذه التدوينة الثمينة، حيث يصحح فيها مفهوم القيادة ويوسع مداه ومجالاته، فليست القيادة متوقفة على قيادة الجيوش، بل القيادة ثقافة وممارسة وخبرة تأتي بأفضل النتائج حين تكون في مسارها الصحيح، ومن هنا يعزز سموه هذا المفهوم الشامل للقيادة، وأنه جزء من الشخصية الإنسانية الجسورة التي تتحمل المسؤولية، وتعي معنى كونها قائداً، فقيادة مجموعة ناجحة في أي عمل هو ممارسة صحيحة للقيادة سواء كان ذلك في غزو الفضاء أو في مجموعة للدفاع المدني أو طاقم طبي في أحد المستشفيات أو مجموعة من عمال النظافة، فالقيادة فكرة يتم تطبيقها وتكون هي سر النجاح والتجدد والإبداع ليكون ذلك رافداً عظيم النفع لسمعة الوطن الذي يستحق كل هذا وأكثر من خلال ممارسة القيادة كفريق متكامل يعمل بيد واحدة على تحقيق جميع الأهداف ضمن مسيرة الوطن الراشدة في الإعمار والتقدم والبناء.

الأكثر مشاركة