في استقبال العهد الجديد للدولة

ت + ت - الحجم الطبيعي

حين تصفو ينابيع القلوب، يتفجّر منها كل خير وطِيب، وتالله إن وطننا الإمارات وطن محظوظ بالقلوب الصافية، منذ نشأته حين نهض فرسانه بقلوب متحابة فياضة بالخير والصفاء لهذه الربوع، التي كانت في عِداد الصحراء، ثم أصبحت رياضاً غنّاء وربوعاً خضراء، ومنذ انطلاقة الدولة وهي تقدم النموذج تلو النموذج على الإحساس الأخلاقي الفريد، الذي يتمتع به قادة هذه الدولة من لدن المؤسس الباني المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وانتهاء بوارث مجده وحكمته صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، الذي تسلّم أمانة الحُكم، واستقبل الشعب هذه المرحلة بمشاعر الفرح الصادقة، والدعم الكامل لصاحب السموّ، الذي عاش بينهم سنوات عمره المديدة في المناصب العليا للدولة، وكان له من ذلك السيرة الحميدة والمحبة الصافية.

وتعبيراً عن هذه المشاعر الصادقة والحفاوة القلبية النادرة، نشر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، كلمة بصوته الأخوي الصادق على حسابه في إنستغرام، ضمن وسمه المعروف «ومضات قيادية»، عبّر فيها عن بهجته الشخصية ومشاعر أبناء الوطن بهذه المرحلة الجديدة من عمر الدولة، التي تجدد شبابها بمجيء صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد رئيساً لها، بعد مرحلة طويلة من التمرّس بمختلف المواقع، التي كان فيها قريباً جداً من والده الشيخ الحكيم طيب الذكرى الشيخ زايد، ومن شقيقه المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رحمهما الله، فكانت تلك المرحلة تمهيداً رشيداً لهذه المرحلة الحاسمة في مسيرة الدولة، حيث يُعوّل الشعب كثيراً على قيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، الذي عرفوه حق المعرفة، وابتهجوا بحكمه ابتهاجاً صادقاً، عبر عنه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد بهذه الكلمات البديعة، التي تفيض بالمحبة الصادقة، والإخاء النادر الفريد.

«أخي وصديقي محمد بن زايد؛ تكلم عن الماضي وصعوباته، وتكلم عن الحاضر وتحدياته» بهذه العبارة المفعمة بروح الصداقة الكبرى، والإخاء الصادق افتتح صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد هذه الومضة القيادية، التي افتتح بها عهد الدولة الجديد، حيث عبّر عما يشعر به تجاه قائد الدولة الجديد، الذي يعرفه حق المعرفة، بحيث غدا أخاً صادق الإخاء وصديقاً من طراز خاص يحفظ مودة الصديق، ويرتقي بالعلاقة من دائرة السياسة إلى دائرة الإخاء والمحبة، التي ينتج عنها كل خير ومحبة، وها هي تتجلى هذه المحبة في هذه الومضة الرائعة، حيث يحتفي صاحب السمو بأخيه وسَمِيِّه وعضيده، ويشهد له بتحمل الصعوبات، وحمل هموم الوطن في الماضي، حيث كانت الحياة في غاية المشقة في عهد الآباء والأجداد، الذين خلطوا عَرق الجبين بتراب هذه الديار، وسهروا الليالي في سبيل مجد هذا الوطن ورفعته، حتى وصلنا لهذا الحاضر الزاهي الحافل بالتحديات، وفي طليعتها مواصلة المسيرة، والحفاظ على هذه المنجزات، وتقديم النموذج الأمثل لكي يظل الوطن في مداره العالي، ومنزلته المتفردة بين الأمم والشعوب،

«وتكلّم عن المستقبل المشرق، كان يقودنا إلى المستقبل بالطاقة الإيجابية»، وكما اهتم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد قائد الدولة بالماضي والحاضر فإن المستقبل هو الهاجس الأكبر في تفكيره، وكم هي كثيرة المواقف، التي يفتح فيها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد الآفاق الواسعة أمام الروح الوطنية والأجيال النشيطة لكي تظل سائرة نحو أهدافها، يحفزهم بالطاقة الإيجابية، التي هي وقود الحركة، وبها تنطلق الطاقات القادرة على الإنجاز والإبداع، ومعلوم للقارئ الكريم مدى اهتمام صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد بنشر ثقافة السعادة والإيجابية، وقد كتب في ذلك كتاباً من أروع ما كتب في هذا السياق، حرصاً منه على غرس القيم الإيجابية في النفوس والعقول، وحين نرجع إلى هذا الكتاب نجد أن هناك كلمة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد في الثناء على هذا الكتاب يقول فيها: «أهداني أخي الشيخ محمد بن راشد كتاب «تأملات في السعادة والإيجابية» أدعوكم لقراءته، ليست مجاملة، هذا من أجمل الكتب التي قرأتُها».

«وهذا ما يذكّرنا بالشيخ زايد، طيب الله ثراه، وكنا نشوف فيه روح زايد فهنيئاً لكم»، ونِعم الذكرى هي الذكرى حين يكون المذكور هو الباني الكبير الشيخ زايد، رحمه الله، الذي اختار ولده الشيخ محمد عن وعي وبصيرة، وزجّ به في مرحلة مبكرة في معتركات السياسة وبناء الوطن، فكان قرّة عين لهذا الوالد الجليل، وها هو يعيد لنا مسالك والده في السياسة والحكم، ويحيي تلك الروح بكل مناقبها، فطوبى للوطن بهذا القائد الهُمام، الذي سيواصل المسيرة، ويستمر في إعلاء البنيان.

«ويا محمد، روح إلى الأمام، إلى المستقبل المشرق، وشعب الإمارات معك»، وبهذه الكلمات الفياضة بالمحبة والصدق يخاطب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد أخاه وصديقه رئيس الدولة، طالباً منه أن يواصل المسير لصناعة المستقبل المشرق، الذي يليق بهذا الشعب، الذي يقف صفّاً واحداً مع قائده، ويسير خلفه بكل ثقة وولاء ومحبة واطمئنان.

حين قرأت هذه الومضة البديعة تذكرت موقفاً فريداً بين هذين القائدين الكبيرين قبل سنتين ونيّف، وذلك حين كتب صاحب السمو الشيخ محمّد بن زايد قصيدة رائعة المحتوى جليلة العاطفة بعنوان «أخوي محمد»، خاطب فيها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد بكل محبة وصفاء حين يقول:

تقبل الأيام بحمولٍ ثقال

              وتنثني وإن صادفت منكب صملْ

بين دورات الليالي والنزال

              ما يفوز إلا من يعاضد رجل

والرجال أنواع والوقفه سجال

              حد يرهيها وحدْ منها يفلْ

ذاك أخوي محمد اللي يوم قال

              كلمته ما تنثني (قول وفعل)

طوّع الصعبات لين العود مال

              وانطوت في قبضته طي السجل

وتقديراً لهذه المحبة الصافية جاء صوت صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد بهذه الأبيات العذبة، من خلال استحضار طيف طيب الذكرى الشيخ زايد، رحمه الله، مجسّداً بذلك أروع صور الإخاء بين هذين الفارسين الكبيرين اللذين يقدمان أروع النماذج في علاقة الكبير بالكبير:

زارني الطيف الذي ما يرحلي

              صاحي أشوفه وف أحلام الرقاد

طيف زايد لي بذكره تكملي

              راحتي وإن عاد طيفه الخير عاد

دوم يسألني السؤال المِطولي

              حتى في غيابه نهمّه بالوكاد

وقلت له يا والدي لا تسألِ

              دامه محمد لنا عز وسِناد

وقلت له ما يستريح مواصلي

              النهار بليل ما يعرْف الوسادْ

حمى الله الوطن الحبيب.

Email