ابتسم وتحمل
كم نحتاج لوسائل تخلصنا من كل هذا التوتر، الذي يلحقنا، ويتلبس بنا بين يوم وآخر، كم نحتاج لضحكات تزيل الهم من القلوب، وتزيح عن كواهلنا العبء النفسي، الذي يثقل مسيرتنا، كم نحتاج لسماع كلمات التخفيف والهدوء، لتدفع بنا نحو مسيرة صحية سواء في الذهن أو الجسد، والمشكلة أن مثل هذه الممارسة بسيطة جداً، فيكفي أن يقابلك أحدهم بابتسامة، لتشعر بالراحة، حتى وإن كانت كلماته قوية، لكن الابتسامة تذيب حاجز اللغة القاسي، لكننا مع الأسف لا نمارس الفعل الابتسامي في أحاديثنا. وقد صدق الفيلسوف الإنجليزي جون لوك، عندما قال: «الوجه المبتسم شمس ثانية»، وبحق، إنها شمس، تبث الدفء في كل نفس تشعر بقسوة الكلمات والأوجه.
نحن بحاجة لتخفيف هذا التوتر والشحن البالغ الخطورة على صحتنا، والذي قد يؤذي قلوبنا، وكل يوم نسمع بدراسات علمية، تصدر تحث الناس على محاولة تخفيف التوتر بعدة أساليب وطرق، لعل آخرها ما قرأته عن دراسة تقول: إن الحفاظ على الابتسامة خلال فترات الضغط بإمكانه أن يفيد القلب. أجرت هذه الدراسة العالمتان تارا كرافت، وسارا بريسمان من جامعة كنساس، حيث بحثتا كيف أن أنواع الابتسام المختلفة، وشعور الأشخاص بالابتسامة يؤثر في مقدرتهم على تخطي فترات الضغوط.
تقول كرافت إنهم أرادوا معرفة إذا ما كانت الأقوال المأثورة مثل «ابتسم وتحمل» لها أي أساس علمي، فهذه المقولة لا تعني فقط أن الابتسام يحمل إشارات بالسعادة للآخرين، ولكنه أيضاً طريقة للتأقلم مع ضغوط الحياة، وأوضحت الدراسات السابقة أن الابتسام يؤثر على المشاعر، وتلك المشاعر الإيجابية بدورها لها تأثيرها على التوتر.
غني عن القول إن أثر الابتسامة أبلغ وأكبر من تخفيف التوتر، بل يمتد لإزالة الكثير من الشوائب مع الآخرين، وفي هذا السياق نستحضر الحديث النبوي الشريف الذي يقول: «تبسمك في وجه أخيك صدقة»، لكن ومع الأسف يقابل البعض هذه الابتسامة بردة فعل غير مبررة، بل في أحيان كثيرة بدهشة واستغراب، بل إن البعض لا يتردد في أن يسأل عن سبب تبسمك في وجهة، لأنه أساء الظن بسبب ابتسامتك له، وبطبيعة الحال ليس المقصود أن توجه بسماتك على المارة، وبشكل فوضوي، ولكنني أحسب أن هناك ضابطاً مهماً مثل أن تتبسم في وجه زميل كان بينكما سوء تفاهم بالأمس في العمل، وأنت مقبل عليه مع صباح اليوم التالي، وقبل السلام، فهذه الابتسامة من شأنها أن تزيل أي لبس أو أي عوائق بينكما، بل إنها ستوجه له رسالة مفادها أن قلبك نظيف، وأنك لا تحمل أي ضغينة عليه، بسبب ما حدث بالأمس من سوء فهم بينكما. أعتقد أننا بحاجة لنثري حياتنا بالبسمات.