السعادة مطلب كل إنسان

ت + ت - الحجم الطبيعي

يعيش الإنسان في هذا العصر دوامة من المهام والأعمال المتواصلة، فهو في سعي متكرر لكسب قوت يومه، وفي أحيان كثيرة فإن العمل الذي يقوم به ويقصد هنا «الوظيفة» تكون فيها منغصات ومضايقات، وعند عودته للمنزل قد يواجه جملة من المشاكل كالنتيجة الدراسية المتدنية لأحد أبنائه، أو فواتير مرتفعة على غير العادة سواء للكهرباء أو الماء أو الهاتف، أو نحوها من المنغصات التي هي عند البعض أمور بسيطة ولا تذكر لكنها عند البعض الآخر كالمصائب التي قد تستنزف تفكيره أو ماله.

جانب آخر في معضلتنا الحقيقية مع السعادة والفرح، هي في أنفسنا نحن، في عدم معرفتنا كيف نفرح وكيف نسعد من يعيش معنا، باتت معاملتنا مع بعضنا مادية بشكل واضح وصارخ، فنحن نعطي وننتظر المقابل، حتى مع أقرب الناس إلينا، لقد ضربتنا الحياة الحديثة بكل قسوة ودون هوادة. فقد تحولنا لما يشبه الآلات تعمل دون توقف.

السعادة والفرح هي أسمى الأهداف التي يسعى إليها الإنسان، يقول الفارابي: السعادة غاية كل إنسان، وأن كل من ينحو بسعيه نحوها فإنما ينحو على أنها الكمال الأقصى، وهذا لا يحتاج في بيانه إلى قول فهو في غاية الشهرة. وهو يقصد أن السعادة هدف ومطلب كل إنسان ولا يحتاج هذا لبيان أو دليل، فالجميع غايتهم الفرح والانشراح وقضاء أوقات جميلة محملة بالسعادة، هناك من يعرف الطريق إليها، وهناك من يضل الطريق أو ينحرف أثناء السير تجاهها.

مشكلة السعادة أنها مرتبطة في أحيان كثيرة بالآخرين بمعنى أنه يمكن أن تشعر داخل نفسك بسعادة وفرحة، هكذا تتسلل إلى روحك بعفوية وتغمرك دون أي سبب ولعل الكثير منا مر بهذه المشاعر، إلا أن هذا الوهج النفسي سرعان ما يخبو بسبب شخص عابر في حياتنا كأن يسمعنا كلمات قاسية دون سبب أو أن نتعرض لجدال دون مبرر مع شريكنا في الحياة. فنصاب بنكسة داخلية ونتراجع ونطرد هذا الشعور الجميل من أرواحنا دون معرفة أو تعمد. علينا أن نغمر قلوبنا دوماً بالهدوء، وأن نعمرها بالقناعة والاكتفاء، ونوجه لكل من هو قريب من قلوبنا رسالة مفادها أننا لا نؤذي إلا أنفسنا بكل هذه القسوة.

فلنحاول أن تكون أيامنا مختلفة عن سواها، ثم نجعل هذا السلوك هو نهجنا طوال أيام العام بل وجميع الأعوام القادمة. ولتكن البداية بطرد التجهم والعبوس ونحل مكانهما الابتسامة، ألم يقل لي ميلدون: الناس لا ينظرون لملابسك ما دمت تملك ابتسامة كبيرة.

Email