القِمَمُ الثلاث.. كلمة في مجد العربية

ت + ت - الحجم الطبيعي

سيكتب التاريخ بأحرف من نور ووفاء أنّ اللغة العربية قد كانت في أعمق نقطة من وجدان فارس من فرسانها هو صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبيّ، رعاه الله، الذي يرعاها كواحدة من أثمن الكنوز الحضارية للأمة، ويطلق في سبيل ترسيخ مجدها وتجديد الإحساس بها الكثير الكثير من المبادرات والمشاريع الكبرى التي ترسخ قيمة هذه اللغة الخالدة في الوجدان العربي، وتؤكّد هيبتها الحضارية بما يضمن لها المكانة التي تستحقها، يفعل ذلك من خلال شعور صادق بالانتماء لهذه اللغة الشريفة التي وضعت بين يديه أسرارها، وأسعفته ببحورها وقوافيها، فكتب من خلالها أجمل الأشعار، وتسنّم عن كفاءة واقتدار ذُرى المجد الأدبي من خلال هذه الأشعار البديعة التي تشهد لصاحب السموّ بصدق العاطفة تجاه هذه اللغة الكريمة الأصيلة التي يرعاها كما يرعى الخيول الأصيلة باعتبارها رمزاً من رموز الثقافة العربية الجليلة التي وجدت في جهود سموّه داعماً هو الأكبر بين جميع من يحب هذه اللغة ويسعى في ترسيخ مكانتها وتعميق الانتماء إليها.

في هذا السياق البديع من الاهتمام بشؤون اللغة العربية والرغبة الصادقة في إعلاء مكانتها، نشر صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد تدوينة ثمينة على حسابيه في تويتر وإنستغرام مع مادة تصويرية بالغة الإدهاش والروعة والتأثير ذكر فيها لقاءه مع بعض ذوي الشأن من أهل الاهتمام باللغة العربية في قمة اللغة العربية في معرض إكسبو دبي 2020، وتجاوزت التدوينة مجرد اللقاء لتعبر عن عمق الشعور بقيمة هذه اللغة ومكانتها الفريدة في وجدان صاحب السموّ ورؤيته لها.

«حضرتُ اليومَ رفقة الأمين العام لجامعة الدول العربية ووزراء الثقافة العرب قمة اللغة العربية في إكسبو دبي والتي تنظمها وزارة الثقافة والشباب بالدولة»، وواضح من خلال هذه الافتتاحية الجميلة مبلغ الاهتمام الذي يُوليه سموه لكل ما من شأنه أن يرفع من قيمة اللغة العربية حيث حضر بنفسه الكريمة هذا الاجتماع الذي يقوم على شؤونه وزارة الثقافة والشباب في دولة الإمارات العربية المتحدة باعتبار ذلك واحداً من الأولويّات الثقافية في رؤيتها لمستقبل هذه اللغة التي تتجسد فيها الروح العربية والآمال العربية والكرامة العربية والثقافة العربية، فهذه اللغة ليست مجرد لغة وظيفية لتسيير معاملات الحياة بل هي لغة ثقافة وحضارة بسطت هيمنتها على المشهد الحضاري قروناً عديدة، وتركت من الآثار والمفاخر العلمية ما يجعل أهلها عميقي الاعتزاز بها مع التصميم الجازم على استئناف دورها الطليعي الحضاري في إعادة تجديد الوعي بقيمة الإنسان العربي، فجاء هذا اللقاء الذي تجسّد في قمة عالية المستوى بحضور الأمين العام لجامعة الدول العربية مع حضور وزراء الثقافة العرب في قلب واحدة من أجمل مدن العرب (دبيّ) الرافلة بثياب العز والهيبة والجمال وهي تحتضن واحداً من أكبر الأحداث الثقافية في العالم (إكسبو دبي 2020) وتحت رعاية نائب رئيس الدولة الذي يعرف القاصي والداني مدى حبه وشغفه بهذه اللغة العريقة التي هي جزء من وجدانه وتجربته وذاكرته وشخصيته الأدبية الرفيعة.

«اللغة العربية تستحق قِمماً كثيرة، لأنها قمة في الجمال، وقمة في الاتساع والشمول، وقمة في كونها وعاء للحضارة بكل أبعادها»، بهذه اللغة المشرقة الفياضة بالحب والفوّاحة بالعطر يُعبّر صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد عن عمق احترامه واعتزازه بهذه اللغة التي تستحق هذه القمة الرائعة التي جرت في إكسبو، ويؤكد بنبرة مملوءة بالفخر أن اللغة العربية تستحق قمماً كثيرة، لأنها قمة في الجمال في جميع مستوياتها وتشكيلاتها التي لا يعرف أسرارها ولا يهتدي إلى كنوزها سوى شاعر خبير بهذه الكنوز والأسرار، فصاحب السموّ المتفنن في حب العربية يعني ما يقول حين يصفها بأنها قمّةٌ في الجمال فهو وصف نابع من خبرة عميقة بمكامن هذا الجمال وتجلياته في هذه اللغة فائقة الروعة والجمال، فإذا أضيف إلى ذلك ما تتّسم به هذه اللغة من الشمول والاتساع فقد بلغت العربية بهذه المعطيات القمة التي لا قمة وراءها، فهي نموذج فذّ في الإثراء اللغوي، والقدرة الخلاقة على صنع المجاز المدهش وهو ما يعرفه حق المعرفة أبناء هذا اللسان من الشعراء والأدباء، فضلاً عن كونها وعاءً كبيراً واسعاً لمعطيات حضارة بلغت إشراقتها ما بلغ الليل والنهار، وأضاءت بشموس معرفتها كثيراً من المناطق المظلمة في هذا الكون، فاستحقت بذلك كل هذا الحب الذي يصل إلى حدود التبجيل والاعتزاز من فارس عميق الصلة بملامح الإبداع الأدبي والشعري وأسرار هذه الصنعة التي هي جزء من طبيعة هذه اللغة الجليلة الجميلة.

«كما شهدتُ أيضاً ضمن القمة التوقيع على إعلان الإمارات للغة العربية رفقة وزراء الثقافة العرب ووقعتُ معهم عليه، نعلن من خلاله التزامنا تجاهها لغة لهويتنا وثقافتنا وعلومنا، نلتزم بها لغة للحياة»، وهذا لعمر الحق هو التكريم والاعتزاز الذي تستحقه هذه اللغة الكريمة، حيث انحاز صاحب السمو ومن خلال موقعه الرسمي كنائب لرئيس الدولة، ورئيسٍ لمجلس الوزراء، ومن خلال إحساسه الشخصي كعاشق لهذه اللغة إلى إعلاء شأن هذه اللغة من خلال هذا التوقيع مع وزراء الثقافة العرب على الالتزام الكامل باللغة العربية لتكون هي المعبر الحقيقي عن الهوية العربية الأصيلة، وتكون هي الحاضن الأكبر لثقافة العرب وعلومهم الحديثة، ولتكون هذه الخطوة واحدة من أروع الخطوات في الاتجاه الصحيح نحو مجد العربية مع التأكيد أنّ هذا الموقف ليس موقفاً عاطفيّاً مؤقّتاً بل هو موقف مبدئي يلتزم به الموقّعون بحيث تكون العربية لغة للحياة وليست مجرد تحفة فنية محفوظة في متحف الآثار والموجودات.

Email