الإمارات وقيادة الجهود العالمية في مواجهة تغير المناخ

ت + ت - الحجم الطبيعي

يمثل فوز دولة الإمارات العربية المتحدة بحق استضافة مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية، بشأن تغير المناخ «كوب 28» (COP28) في عام 2023 شهادة اعتراف دولية بقدرة الإمارات على قيادة وتنسيق الجهود العالمية، لمواجهة أخطر ظاهرة تهدد كوكبنا البشري، وهي ظاهرة التغير المناخي، وشهادة ثقة في قدرات الإمارات وقيادتها الرشيدة على قيادة العالم في التصدي للتحديات المصيرية التي يواجهها، وهي ثقة نابعة من الخبرات المتراكمة من النجاحات التي حققتها الدولة خلال مسيرة الخمسين عاماً الماضية في المجالات كافة، ومن ضمنها الاهتمام بالبيئة ومواجهة أخطار التغيرات المناخية، ومن السمعة الإيجابية البناءة للدولة، والتي جعلت منها صديقاً وفياً للجميع بفضل سياستها القائمة على الحكمة والاعتدال.

فوز دولة الإمارات باستضافة أكبر مؤتمر عالمي لرؤساء الدول وحكوماتها حول قضايا المناخ والبيئة خلال العام 2023 إنجاز جديد، يأتي استكمالاً للجهود التي بذلتها طيلة نصف القرن الماضي في مجال حماية البيئة، ومحاولة تحقيق الاستدامة البيئية من خلال إطار تشريعي وتنظيمي متكامل، يستهدف المحافظة على البيئة ومواردها الطبيعية وحظر أية سلوكيات قد تشكل خطراً عليها مثل إلقاء النفايات البحرية وحماية التنوع البيولوجي والنظم الإيكولوجية البرية والتوسع في إنشاء المحميات الطبيعية وحماية النباتات والحيوانات المهددة بالانقراض.

كما يأتي استضافة هذا المؤتمر العالمي الأهم تتويجاً للجهود، التي بذلتها وتبذلها الدولة في مجال مواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري، سواء من خلال جهودها الرائدة في مجال دعم وتشجيع استخدام الطاقة النظيفة عالمياً عبر تنفيذ العديد من مشاريع البنية التحتية والطاقة النظيفة في الدول النامية، حيث استثمرت الدولة في مشاريع للطاقة المتجددة في 70 دولة، بقيمة إجمالية تقارب 16.8 مليار دولار أمريكي، كما أطلقت استراتيجيتها الوطنية للطاقة حتى عام 2050، والتي تستهدف رفع مساهمة الطاقة النظيفة في إجمالي مزيج الطاقة المنتجة في الدولة إلى 50%، أو من خلال سعيها الدائم لدعم الجهود العالمية لتحقيق أهداف تخفيض الانبعاثات المضرة بالبيئة، والذي توج أخيراً بإعلان المبادرة الاستراتيجية لتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050، والتي تشكل محركاً وطنيا يهدف إلى خفض الانبعاثات والحياد المناخي بحلول 2050، لتكون الإمارات أول دولة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعلن عن هدفها لتحقيق الحياد المناخي.

وتعتبر دولة الإمارات شريكا فاعلاً للمجتمع الدولي في جهود مواجهة ظاهرة التغير المناخي، حيث انضمت إلى جميع الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بهذه القضية المصيرية، مثل اتفاقية فيينا لحماية طبقة الأوزون وبروتوكول مونتريال عام 1989، واتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن المناخ عام 1995، واتفاقية كيوتو عام 2005، واتفاقية باريس للمناخ عام 2015، كما نجحت في استضافة المقر الدائم للوكالة الدولية لطاقة المتجددة «آيرينا» عام 2009، وشاركت في حوار القادة للمناخ في عام 2021، ومن هنا جاءت الثقة الدولية في اختيار الإمارات لاستضافة «كوب 28» عام 2023 باعتبارها شريكاً موثوقاً في مواجهة أخطار ظاهرة التغير المناخي.

وما يزيد من أهمية الحدث هو أن اختيار الإمارات جاء في ذروة احتفالاتها بعام الخمسين، وهو العام الذي ستنطلق منه لتحقيق طموح جديد في المستقبل لتكون الدولة الرائدة عالمياً في جميع المؤشرات التنموية، وبالطبع ستكون مواجهة ظاهرة التغير المناخي ضمن أولويات الأجندة الوطنية للإمارات في المستقبل، وهي حاضرة بقوة ضمن المبادئ العشرة للخمسين الجديدة، لأن مواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري يوفر فرصاً جديدة للتنمية المستدامة والتقدم الاقتصادي وإنشاء المجتمعات المزدهرة، وهي جميعها من بين أهداف مبادئ الخمسين.

لقد وضع العالم ثقته في الإمارات لقيادة الجهود العالمية، لمواجهة ظاهرة التغير المناخي في المستقبل، وسيدرك العالم بكل تأكيد أن رهانه على الإمارات كان صحيحاً مثلما أثبتت ذلك في جميع القضايا الأخرى.

 

* كاتبة إماراتية

Email