المستقبل في الماضي

ت + ت - الحجم الطبيعي

كثيرة المواضيع الجدلية، والتي تبقى دون حل ولا نهاية، ومع هذا يتم إعادة الحديث فيها، وكأنها جزء حيوي وهام، وهي مواضيع مفتوحة، لا يمكن حسمها، ولا الإقرار بصحة أي جانب منها، ولعل من تلك المواضيع الطريفة، والتي تستحضر للدلالة على مثل هذه الجدلية، ذلك السؤال: من كان أولاً، البيضة أم الدجاجة؟ 

وبطبيعة الحال، لا أحد يملك الإجابة، ولا أحد يمكن أن يدعي أن لديه الحقيقة التامة، مهما ساق من دلائل، ومهما قدم من توضيحات، لأن الجانب الآخر أيضاً، لديه نفس الزخم من الدلائل والحقائق الخاصة به، وهكذا، تبقى الكثير من المواضيع في حياتنا مفتوحة، تحتمل الصواب وتحتمل الخطأ، ولا يجب على أي واحد منا، أن يحمّل نفسه تباعتها، أو يتعصب من أجلها، بل على العكس، يجب أن يكون لدينا تسليم بمثل هذه الجدلية، وتقبل جوانبها المتعددة غير المحسومة.

 لكن هناك مواضيع، وإن ظهرت غير محسومة، لكن التجربة البشرية، فضلاً عن تنامي العلوم والخبرات، تحسمها وتوضحها، لذا، لا تقبل الجدال ولا النقاش، في جدواها أو عدم جدواها، من هذه المواضيع، أثر الماضي وسطوته وتأثيره في الحاضر والمستقبل، يوجد من يرى أن التخلص من الماضي بكل جوانبه، سيؤدي إلى انطلاقة نحو المستقبل، لأن الماضي، على حد زعمهم، فيه إضاعة للوقت وهدر للجهد. والحقيقة أن مثل هذا الرأي، يجانبه الصواب تماماً، خاصة ونحن نعلم أن الماضي فيه دروس وخبرات ومعارف، المطلوب دراستها والبناء عليها، وتطويرها، وزيادة الفعالية الابتكارية، لتنعكس على الحاضر الذي نعيشه، ما سيسهم في المرور نحو المستقبل، ونحن أكثر تطوراً ووهجاً واستعداداً. 

وكما قال الروائي الراحل الأمريكي جون دوس باسوس: أفضل طريقة لحل مشاكل المستقبل، نجدها في طيات الماضي. لأن الماضي، وببساطة متناهية، يستند على كنوز معرفية، ومعلومات لا تقدر بثمن.

Email