التعليم والإبداع

ت + ت - الحجم الطبيعي

يسعى الباحث في الشأن الأكاديمي /التربوي دائماً للوصول إلى أفضل الحلول لاستخراج قدرات طلبته، وتطوير مهاراتهم وأدائهم، ويعمل على أن تصبح مخرجات عمله خلْق جيل أكثر إنتاجية، بطريقة عصرية، ويكمن سر ذلك في خطوات عدة؛ أبرزها استيعاب مدى الفرق بين تعليم الإبداع والابتكار، وبين التعليم بطريقة مبتكرة ومبدعة، إنّ تعليم الإبداع يتمثل في غرس مهارات الإبداع وتطويرها في عقول الطلبة، بينما التعليم المبتكر هو التعليم بطريقة أكثر إبداعاً وتنوعاً.

هناك استراتيجيات تعليمية مهمة، يجب اعتمادها لإبراز مهارات الطلبة الإبداعية وتطويرها؛ أولها: اكتشاف الأسباب التي تمنع الطالب من أن يكون شخصاً ذا أفكار إبداعية، والعمل على منع المعوقات التي تحول دون تمكُّنه من الإبداع.

ثانياً: فهم أنواع الاختلاف بين الطلبة، والبيئة التي أدت إلى تشكيل هذا الطالب، أو كانت سبباً في الحد من إبداعه، وذلك بتنظيم التمارين والأنشطة، وإعطاء الطلبة خيارات من شأنها أن تجعلهم أقدر على الانتقاء والنقد، الأمر الذي يدفعهم لأنْ يكونوا أكثر تفكيراً وتميزاً، كأنْ يُمَكَّنَ الطالب من نقد فيلم وثائقي، أو قصة، أو لوحة فنية، أو مُنتَجٍ ما، فمثل هذا النقد كفيل بأنْ يوضح للمعلم أشياء كثيرة عن طلابه، ومدى اتساع أفق تفكير كلٍّ منهم.

ثالثاً: الاعتناء بالطلبة، وتقديم الدعم الذي من شأنه أنْ يُظهِر طاقاتهم الكامنة.

رابعاً: أن يضع المعلم الطالب في بيئة خارج منطقة الأمان الذي اعتاد عليها، مما يجعله يشعر بالمسؤولية، والقيام بالعمل الجادّ الفردي المحدد، في زمن معين، فيتحول إلى شخص يفكر كيف ينجز العمل المطلوب منه، بطريقة صحيحة وسريعة، ويجعله يكتشف قدراته الكامنة، وبهذا يخلقُ لديه شعوراً بالثقة، فينمو تفكيره الإبداعي، فالطالب الذي يعمل على أنشطة تتطلب منه اكتشاف المشكلة وابتكار الحل لها يغدو قادراً على استخدام هذه المهارة مستقبلاً في أمور أخرى كثيرة، بأن يبتكر في كل مرة شيئاً جديداً ومختلفاً يميزه عن سواه.

خامساً: أن يستخدم المعلم طريقة العصف الذهني الجماعي بين الطلاب، ثم يطلب أفكاراً وحلولاً مختلفة منهم، تجعلهم أكثر نشاطاً وواقعية، مما يطور مهارة الإبداع والابتكار بداخلهم، ويصبح كل طالب أكثر إنتاجية، فالمعلم المبدع قبل أن يعلِّم الطلبة دروساً قد كتبت وألّفت، يجب عليه أولاً أنْ يعلمهم كيف يكونوا أكثر ثقة وإبداعاً واختلافاً، وهنا تبرز الضرورة لإقامة مدارس تتخصص في احتضان الموهوبين والمبدعين منذ الصغر وترعاهم.

وقد أقيمت في العالم مدارس عدة، تتخذ من الاختلاف والغرابة أداةً لخلق جيل أكثر ابتكاراً وإبداعاً، منها على سبيل المثال: مدرسة المستقبل، في مدينة فيلادلفيا، ومدرسة ستيف جوبز في أمستردام، ومدرسةBrightest Elementary School، والمدرسة المحايدة في السويد، والمدرسة الخطرة ومدرسة وادي السيلكون في كاليفورنيا، ومدرسة بلايت في الأرجنتين، والمدرسة التكعيبية في الدنمارك، والمدرسة العائمة في نيجيريا، فالمبدعون مميزون عن العامة غالباً، ومتجددو الفكر والفكرة، يعشقون الاختلاف، وهم فئة الخروج عن المألوف، لأنهم يتمسكون بمبادئ لا للمألوف، ولا للنمطية، ولا للقواعد الثابتة، ولا للتكرار، ولا للتقليد، إنهم مَن يساعد على تحديث كل ما يدور حولنا بطريقة مبهرة، وتظهر لديهم في كل يوم أفكار مذهلة، لأنهم يعتمدون على الخيال والاختلاف والجودة.

 

Email