الإمارات لا تملك ترف الوقت

ت + ت - الحجم الطبيعي

الوقت أو الزمن من الأشياء التي اختلف على تعريفها البشر، وربما كانا أكثر من الأشياء صعوبة على التعريف.

ورغم أهمية الوقت أو الزمن في حياتنا، كونهما الحاضن الوحيد والأكبر لكل ما يحدث لنا بدءاً من الماضي، مروراً بالحاضر، وعبوراً إلى المستقبل، فإن وقع مرور الوقت أو الزمن يختلف من شخص إلى آخر. ولاختلاف هذا الوقع ربما نستطيع أن نفهم الاختلاف على تعريف الوقت أو الزمن بين الميثولوجيا والفيزياء والفلسفة.

وبعيداً عن هذه الاختلافات يبقى ترف الوقت عاملاً مهماً في اختلاف حياة البشر عبر التاريخ، فهناك من يملك ترف الوقت الذي يجعله يجلس على رصيف الوقت منتظراً قطار الزمن كي ينقله من محطة إلى أخرى، وهناك من لا يملك ترف الوقت هذا، فيسبق قطارات الزمن متجاوزاً كل المحطات للوصول إلى غايته. من هؤلاء الذين لا يملكون ترف الوقت قادة دولة الإمارات العربية المتحدة.

ولهذا قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في تغريدة على حساب سموه الأسبوع الماضي إن الإمارات لا تملك ترف الوقت، وإنها لن تنتظر الظروف العالمية أن تصنع مستقبلها، بل تصنعه بنفسها، معلناً سموه بدء الموسم الحكومي الجديد في الإمارات هذا العام بطريقة مختلفة، قائلاً:

«بعد التشاور مع أخي محمد بن زايد سنعلن عن 50 مشروعاً وطنياً بأبعاد اقتصادية خلال شهر سبتمبر». هذه المشاريع الوطنية وصفها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في تغريدة لسموه، بأنها ستشكل إضافة نوعية لمسيرتنا، وركيزة للانطلاق نحو مزيد من التطور لصالح أجيالنا القادمة.

الإعلان عن هذه المشاريع الاقتصادية الجديدة يأتي تزامناً مع الاحتفال باليوبيل الذهبي لدولة الإمارات العربية المتحدة، كي تسهم في تحقيق قفزات نوعية للاقتصاد الوطني، الذي يعد أولوية وطنية قصوى لحكومة دولة الإمارات، والعامل الأساسي لضمان الحياة الكريمة لشعب الإمارات والأجيال القادمة.

حيث تستهدف مضاعفة الاستثمارات الخارجية الواردة لدولة الإمارات، وترسيخ موقعها كوجهة للمواهب والمستثمرين حول العالم، مثلما جاء في إعلان سموهما عن المشاريع الجديدة.

وهنا يأتي السؤال؛ لماذا التركيز على الاقتصاد، ولماذا يكون الإعلان الأول عن الاحتفال بالخمسين مركّزاً على الاقتصاد، ونحن جميعاً نعلم أن دولة الإمارات تضع كل جوانب الحياة في حسابها وهي تخطط للمستقبل، دون أن يطغى جانب على جانب، ودون أن تهتم بجانب على حساب جانب، أو تهمل جانباً لحساب جانب؟

لا شك أن الاقتصاد عامل مهم وأساسي في بناء الدول وحياة البشر. وقد أثبتت الفترة التي عانت فيها البشرية من جائحة فيروس كورونا المستجد أن الاقتصاد كان أكثر جوانب الحياة تضرراً من آثار الجائحة.

حيث فقد كثير من الناس وظائفهم، وأغلقت الكثير من المصانع أبوابها، وأعلنت الكثير من المؤسسات التجارية إفلاسها، وخفضت الكثير من الشركات عدد موظفيها، واقتطعت من رواتبهم بدلات أساسية كانت تصرفها لهم، بل إن كثيراً من أصحاب المشاريع التجارية توقفوا عن دفع رواتب موظفيهم لتوقف أعمال هذه المشاريع وتأثرها بقرارات الإغلاق التي اتخذتها بعض الدول.

لذلك فإن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان حين قال إننا نهدف لتعزيز المكتسبات، والتعامل مع التحديات بإيجابية، وتحويلها إلى فرص للابتكار والإبداع، فإنما كان سموه يجمع بين مكتسبات الماضي المتمثلة في إنجازات الخمسين الماضية، والتحديات التي يشهدها الحاضر، بكل الظروف التي يعيشها، لتحويلها إلى فرص للابتكار والإبداع عبوراً إلى المستقبل المشرق لأبناء الإمارات والمقيمين على أرضها.

لقد كانت الإمارات دائماً أرض الفرص التي تتيح للمبدعين المخلصين تحقيق أحلامهم في مناخ من الأمن والسكينة اللذين حباها الله بهما، وبتخطيط قادتها الحكماء الذين حباهم الله الحكمة والنظرة الثاقبة، ومحبة هذه الأرض والإخلاص لها، والسعي لتحقيق الرفاهية والعيش الكريم لأبنائها والمقيمين على أرضها دون تفرقة.

مرحلة جديدة من النمو والازدهار لدولة الإمارات العربية المتحدة داخلياً وخارجياً يتم إرساء دعائمها من خلال دورة جديدة من المشاريع الاستراتيجية الوطنية.

هذا هو أول القطر، الذي سينهمر بعده المطر، في الاحتفال باليوبيل الذهبي لدولة الإمارات، يكللها التصريح بأن الإمارات لا تملك ترف الوقت لتنتظر الظروف العالمية كي تصنع مستقبلها، فالذين يملكون ترف الوقت يبقون طويلاً في أماكنهم، والإمارات لم تعتد الوقوف في مكانها أبداً.

* كاتب وإعلامي إماراتي

 

Email