يشهد صيف هذه السنة موجات حرارة شبه قياسية في العالم، وسلسلة من حرائق الغابات السريعة الانتشار التي تسببت في العديد من الوفيات، ودمرت الممتلكات، وأحرقت ملايين الأفدنة من الغابات، لكنها أثبتت حقائق صادمة أن أغلبية النيران الهائلة سببها البشر في الغالب، ويزيد من تفاقمها تغير المناخ، وهو ما سيكون له آثار سلبية على الأمن الغذائي والمائي.

ولا شك أن الارتفاع في حرارة الكوكب وإن كان يعود إلى تغير المناخ إلا أنه ناتج بشكل أساسي عن النشاط البشري، وأن هذا الارتفاع لا سابق له منذ آلاف السنين، فالحرائق المفتعلة سبب رئيسي لتدهور الغابات، وقد تؤدي إلى تدمير اقتصادي واضطرابات اجتماعية وتدهور بيئي. وفي العديد من المناطق، هناك محاصيل تجد صعوبة في البقاء بعد أن ظلت في حالة ازدهار على مر القرون، الأمر الذي يضع الأمن الغذائي في العديد من المناطق في موقف أكثر هشاشة، فبسبب آثار تغير المناخ، وما واكبه أيضاً من ممارسات مدمرة للإنسان من خلال ثبوت وجود حرائق مفتعلة، فقد يحتدم التنافس على الموارد، مثل الأراضي والغذاء والمياه، الأمر الذي يؤجج التوترات الاجتماعية والاقتصادية، ويؤدي بصورة متزايدة إلى تزايد موجة النزوح في العالم.

وعلى الرغم من الجهود التي بذلت لمواجهة ظاهرة تغير المناخ فإن الطريق لا يزال طويلاً للتمكن من تخفيف آثاره، حيث إن الكوارث باتت أكثر تواتراً وشدة بالموازاة مع احترار العالم، ولم تبق أي قارة بمنأى عن هذه الكوارث.

التحديات التي يفرضها التغير المناخي والتأثيرات السلبية التي يخلفها السلوك البشري باتت واضحة للمجتمع الدولي كله، والإشكالية أن خطورة هذه التأثيرات تزداد حدة بوتيرة متسارعة، الأمر الذي يتطلب الإسراع في الجهود العالمية لمواجهة الممارسات التي زادت من خطورة التغير المناخي، لضمان مستقبل مستدام. ولا شك أن المناخ بات من التهديدات الكبرى للسلام والأمن الدوليين، ومن الضروري التحرك للتكيف مع ما هو مقبل، ومواجهة المخاطر الأمنية المرتبطة بالمناخ، والحفاظ على بيئة سليمة.