الحسابات الصينية في أفغانستان

ت + ت - الحجم الطبيعي

رغم أن الصين انتقدت الانسحاب الأمريكي «غير المنظم» من أفغانستان، إلا أنه - على المدى البعيد - قد تجني إيجابيات من هذا الانسحاب، ومنها ابتعاد القوات الأمريكية عن حدودها، وأن الأمر في النهاية لن يخرج عن السيطرة، في ظل إجماع إقليمي على أولوية استقرار آسيا الوسطى، ولكن في الوقت ذاته، هناك قلق صيني من مستقبل الأوضاع في أفغانستان، وتتعلق المخاوف الصينية بشكل خاص، من التنظيمات المتطرفة في أفغانستان والدول المجاورة لها، والتي قد يشجعها الخروج الأمريكي، على مزيد من الانتشار وكسب الأنصار، الأمر الذي قد يهدد المصالح الصينية على طول مشروع الحزام والطريق، فما حدود الحسابات الصينية في أفغانستان؟ وهل يمكن أن تنشأ معادلات جديدة تؤثر سلباً في الصين، أو حتى في النفوذ الاقتصادي الصيني المتنامي في آسيا الوسطى؟.

من يملأ الفراغ؟

أكثر السيناريوهات التي تتخوف منها الصين «الفراغ الأمني في أفغانستان، وما يمكن أن يؤدي إلى شيوع حالة من عدم اليقين السياسي والاقتصادي في كل المنطقة»، وهذا السيناريو غير مستبعد على الإطلاق، في ظل تقلص مساحة التوصل لاتفاق سياسي بين قادة الحركة والحكومة الأفغانية، وهو ما يعكسه التوسع الهائل في جبهات القتال، وسيطرة الحركة على مساحات واسعة، بما فيها المناطق التي تقع في إقليم بادخشا على الحدود الصينية الأفغانية، وتخشى الصين أن يتحد مقاتلو ويغور، وينضموا إلى العناصر الانفصالية في إقليم شينغيانغ الحدودي مع أفغانستان.

وسبق أن اتهمت الصين، الولايات المتحدة، بغض الطرف، بل تسهيل سيطرة تنظيم داعش على إقليم بادخشا ووادي واخان، ومن ينظر إلى بنود الاتفاقيات التي وقعتها الصين مع دول الآسيان، أو منظمة شنغهاي، يتأكد له مدى حرص بكين على مبدأ رئيس، وهو احترام علاقات الجوار، كما تنظر بقلق شديد لصعود تنظيم داعش، وسيطرته على مناطق واسعة في شرقي أفغانستان.

استقرار أفغانستان وعدم السماح باضطرابات جديدة في المنطقة، يشكلان «جوهر الاستراتيجية الصينية»، في مرحلة ما بعد الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، وتعتمد بكين على سلسلة من المحاور، لتحقيق هذه الاستراتيجية، ومنها تكثيف الحوار مع الأطراف الأفغانية، وتوثيق العلاقات الصينية بالشخصيات القبلية، وزعماء المجتمعات المحلية في الداخل الأفغاني.

Email