العراق وتدوير الأزمات

ت + ت - الحجم الطبيعي

يشهد العراق مع كل موعد انتخابي أزمات تلو الأخرى، وظهور حالة من الاستقطاب ما بين مكوناته، الغرض منها ضرب العملية السياسية برمتها، حيث يسعى البعض إلى تصعيد حالات التوتر وتجييرها لصالحه وانتظار الفرصة السانحة للدخول على خط الصراع ومنازلة الخيارات؛ حيث باتت الساحة العراقية من أكثر الساحات عرضة لمعارك تصفية الحسابات بين العديد من الخصوم، علماً أن الأزمة لا تنحصر في الجانب السياسي، بل تتخذ أبعادها الشاملة، وتتحرك آثارها وانعكاساتها العميقة على الشعب العراقي الذي بدأ يفقد الثقة في مؤسساته، سيما مع تصاعد حرائق المستشفيات وعمليات الاغتيالات.

لا شك أن ديمومة أزمات العراق نتاج طبيعي لهيمنة روح التربص، وتراكمات نتيجة تدوير الأزمات دون حلها، فمع كل حادث تزداد الجراح عمقاً بحيث تم استنهاض كل الأزمات الطائفية من أجل تعزيز حالة التمزق مجتمعياً، وتصاعد المخططات الرامية لإذكاء روح التناحر والتباغض في غياب رؤية واضحة في كيفية بناء حياة سياسية عراقية وخطوات جادة نحو توحيد الأهداف والتأسيس لرؤية مشتركة، حيث يلاحظ تقصير من قبل الجميع في بناء جبهة اجتماعية رصينة، وهو ما ساهم في تزايد التدخلات الخارجية التي وجدت الساحة فارغة وسهلة لتقوية شوكتها والتمسك بالطائفية السياسية وديمومتها وتعزيزها وترسيخها.

هناك احتمال انتكاسة كبيرة للعملية السياسية ما لم تقدم الحكومة العراقية خطوات جريئة في الاتجاه الذي يوقف التدهور، وما يتطلبه ذلك من تدابير وإجراءات قبل الحديث عن حوار بين الفرقاء، في ظل اتساع دائرة الأحداث والمطبات التي خذلت المجتمع العراقي، ولا شك أن حجم التحدي الذي يواجه العراق كبير ويستدعي إجراء انعطافة على كل المستويات، وإيجاد حلول جذرية لأسباب الأزمات ومبرراتها والتوجه نحو بناء دولة حقيقية.

Email