لبنان وخاتمة الطائفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

عندما يتصاعد الشحن الطائفي ويخفت صوت العقل النتيجة تكون الفشل والطريق المسدود، وهذا هو حال لبنان اليوم، حيث سقطت آخر الرهانات على نزع ألغام التعطيل من أمام تشكيل الحكومة الجديدة، ورسّخت حقيقة أنّ وضع لبنان بات ميؤوساً منه بالكامل، ويبدو أن هناك من يسعى لإدخال البلد في فوضى شاملة، فاعتذار رئيس االحكومة المكلف سعد الحريري كان متوقعاً، ولا يمثل أية مفاجأة، حيث إن مسار الأمور كان ينذر بالوصول إلى هذه الخاتمة، وكان تحت وطأة التعطيل المنهجي الذي يستهدف مهمته بإقفال الرئيس عون كل الأبواب في وجه المبادرات، وخلاف ما يطرحه البعض حول طبيعة الأزمة القائمة، فإن المشكلة الحالية هي صراع مصالح ضيقة ونفوذ وسلطة، فهو لا يريد حكومة برئاسة الحريري، لأنّ أي تقدّم في معالجة الملفات سيُنسب إلى دور الحريري، ولبنان الآن ‏أمام كارثة، والعدّ العكسي للإنهيار الكبير ربما يكون قد بدأ، حيث إن الاعتذار سيُدخل البلاد في دوامة جديدة من الفراغ والفوضى السياسية ،بعد إضاعة الفرص الثمينة على الوطن والمواطنين.

الشعب يئن متألماً تحت أعباء تدهور الأوضاع الاقتصادية والمالية، السلطة حريصة على إجهاض كل محاولات المعالجة، مما أدى إلى استفحالها تغليباً لمصالحهم الشخصية والحزبية على مصلحة لبنان والشعب اللبناني، هذا السلوك المحبط، هو الذي خرّب لبنان، وفاقَم من تعقيدات الأزمة، وهو يضع لبنان الآن أمام احتمالات صعبة وخطيرة.، فبات الشعب أسير منظومة حاكمة تحكّمت بمصائرهم فقادتهم نحو الخراب، وللأسف لا حلول في الأفق لإنقاذ البلاد، فالأبواب كلها مقفلة والخطوط كلها انقطعت والبلد تتآكل مقدراته رويداً رويداً.

ولا شك أن المعرقلين والمعطلين باتوا مكشوفين. ومن الضروري مواجهتهم بالحقائق سيما وأنهم لم يكترثوا بالتهديدات الأوروبية بالعقوبات، وبقوا على عنادهم وشروطهم. فاعتذار الحريري وإن خلق أزمة قوية، إلا أنه بالمقابل نجح في فضح ممارسات عدد من الساسة، وتوضيح بعض الالتباسات بخصوص الأطراف التي تتولى تعطيل تشكيل الحكومة، وضرورة الفصل بينها وبين الأطراف التي تسعى بكل جد لتشكيل الحكومة، حيث كسر حالة المراوحة وترك السلطة تتخبّط منفردة في مواجهة أزمة كانت سبباً فيها.

Email