العلاج الصحيح في المكان الصحيح

ت + ت - الحجم الطبيعي

لعل من أكثر الأخطاء شيوعاً عند البعض، أن الحديث مع المقربين، سواءً الأصدقاء أو الأقارب، واستشارتهم، أو كما يقال، الفضفضة وإزاحة ما في الصدر من خلال التحدث، يكفي لعلاج الهموم والأحزان، أو علاج الكآبة والتوتر والقلق، الحقيقة أن الصحبة والمقربين، لهم أثر دون شك في الصحة والسلامة النفسية للفرد، ولكنهم في بعض المواقف والأحداث، عاجزون عن تقديم النصيحة الصحيحة العميقة المفيدة. الموضوع ليس بهذه الدرجة من التهميش والسطحية، يوجد علم كبير وواسع، هو علم النفس، وما يحتويه من استشارات وبحوث ودراسات وعلوم طبية، ضاربة العمق في التاريخ البشري، موضوعها الرئيس الإنسان، ومواجهة همومه ونكساته وإخفاقاته وآلامه، يقوم هذا العلم الواسع والمتشعب، على خدمة الإنسان، ومعالجة آلامه، ولتخليصه من حالات مرضية حقيقية، قد تعصف بحياته ومستقبله.

 لذا، المشورة والتحدث مع المقربين، وإن كان لها أثر في جلب الراحة النفسية، كما يقول الطبيب والمحلل النفسي سيغموند فرويد: لا يؤذي الإنسان أكثر من كبت المشاعر السلبية طويلاً. إلا أنها ليست علاجاً للكثير من الحالات، ولا هي بديل عن الطب والعلاج النفسي. في هذا العصر، نلاحظ أن الموضوع تجاوز أن تجلس بجانب صديق مقرب، وتحكي له همومك وآلامك، لتصل إلى مواقع التواصل الاجتماعي، حيث نرى ونشاهد ونقرأ يومياً، العشرات من المواضيع التي يشكو فيها البعض هموماً ومشاكل حياتية، وتوترات وقلقاً وغضباً وحزناً، وهذه قد لا تكون مشاعر سلبية مكبوتة تحتاج للخروج، بل مرض يحتاج لطبيب، ستجد العشرات يتبرعون في تقديم النصيحة والإرشاد، وكثير من تلك الردود خاطئة تماماً، ولا تجد بينها من ينصحه لطلب الاستشارة من متخصص في العلاج السلوكي والطب النفسي.

على كل واحد منا، الوعي بقيمة الطب والعلاج النفسي، والوعي بأهمية الاستشارة النفسية من متخصص. ولنتذكر أن الألم النفسي والهم والتوتر والقلق والكآبة، لها مضاعفات، قد تظهر على الصحة الجسدية. لذا، علينا أن نطلب العلاج الصحيح من المكان الصحيح.

 

Email