إكسبو.. هو ما يحتاجه العالم اليوم

ت + ت - الحجم الطبيعي

مما لا شك فيه أن العالم متعطش للعودة للحياة الطبيعية، فقد عانت البشرية كما لم تعانِ من قبل وبهذا الشكل الجماعي في كل أنحاء العالم. وفي الواقع فليس هناك عامل مؤثر على البشرية مثل الكوارث الطبيعية، والتي لا أحد يستطيع التنبؤ بها أو مواجهتها أو الحد منها ومن أضرارها.

بعد تداعيات كورونا أصبح العالم أمام مفترق طرق، إما أن يظل يراوح مكانه وينتظر ما يخبئه أو سيقدمه له المستقبل، أو أن يمضي قُدماً في برامجه وخططه واضعاً أحداث الماضي وكوارثه خلف ظهره.

الإمارات من النوع الثاني، فدولتنا ومنذ البداية كانت واضحة في مسيرتها دون وجل ودون أي كلل، وتعامل الإمارات مع الجائحة وتداعياتها أصبح مضرب الأمثال، ولهذا فبلادنا، والحمد لله، كانت من أولى الدول تعافياً، ومن أنجحها في تحويل المحنة إلى منحة، وستظل التجربة الإماراتية المظفرة راسخة في الأذهان.

من هنا تأتي أهمية معرض إكسبو الذي تحتضنه بلادنا الحبيبة، فهو معرض للبشرية جمعاء، وهو بالتأكيد أكبر تجمع بشري من نوعه منذ حدوث الجائحة، ولهذا فهو يحوز على كل هذا الاهتمام العالمي.

إكسبو هو فعلاً ما يحتاجه العالم اليوم، فالكل يبحث عن بصيص أمل وعن مرفأ يستطيع فيه أن يرسو ويلملم شتاته ومن ثم يعاود الانطلاق مجدداً، وبرامج معرض إكسبو وفعالياته كلها تصب في هذا الاتجاه: منح العالم الأمل والثقة من جديد.

معرض إكسبو لن يعيد تشكيل خارطة العالم من ناحية الفرص والابتكارات فحسب، بل إنه سيعيد تشكيل الخارطة الاقتصادية على مستوى العالم. فـ«تواصل العقول» لن يكون فقط بغرض تجميع الأفكار والرؤى، بل سيكون من أجل الخروج بخطة إنقاذ عالمية على غرار خطة مارشال. و«صنع المستقبل» لن يكون فقط مجرد شعار للمعرض، بل سيكون خارطة الطريق للمستقبل المنشود.

جميع دول العالم تعي أهمية هذا المعرض وأهمية المشاركة فيه وليس فقط بمجرد الحضور والعرض، ولكن بالإسهام البناء في خلق حالة إجماع عالمي يجعل من المصلحة العليا للجميع هي الهدف. وربما لأول مرة لن نشهد اختلافات جوهرية حول ماهية وكيفية خوض غمار تحديات المستقبل، بل بالأحرى بالتعاون لخلق مستقبل آمن للجميع، يتعاون فيه الكل مع الكل، ويضع العالم حداً للصراعات الجانبية والخلافات الهامشية.

إكسبو فعلاً طوق نجاة لاقتصادات العالم، ومن هنا شهدنا دول العالم تتسابق وتتفنن في بناء أجنحتها داخل المعرض، بما يضمن المردود المرجو والمؤمل من «إكسبو» من خلال إعادة التموضع الاستراتيجي بما تستوجبه وتحتاجه مرحلة التعافي التي نعيشها حالياً بعد الركود القسري الذي طال الجميع.

دولة الإمارات من جانبها لم تقصر إطلاقاً، ومن خلال العمل الدؤوب لتوفير البيئة الحاضنة للمستقبل بكل مكوناته وتفرعاته البشرية والمادية والاجتماعية، فالإمارات من خلال فهمها واستيعابها للمتغيرات على مستوى العالم لا تنظر للمعرض كمجرد حدث يقام وينتهي، ولهذا ومنذ اللحظات الأولى لفوز دولة الإمارات بشرف تنظيم المعرض، فقد عملت بكل تصميم لتنظيم معرض استثنائي متميز وغير مسبوق، وسعت جاهدة لضمان الاستدامة الفعلية لكل مخرجات المعرض من كل الجوانب.

«إكسبو» سيثبت ومن جديد أن دولة الإمارات ليست فقط مجرد الدولة المستضيفة للمعرض الأكبر من نوعه على مستوى العالم، بل إنها الدولة  الراعية والحاضنة للمستقبل العالمي.

Email