فيكتوريا نولاند والحرب الخاطفة

أثناء التظاهرات التي اندلعت العام 2014 في كييف ضد الرئيس الأوكراني الأسبق فيكتور يانكوفيتش قامت فيكتوريا نولاند المسؤولة عن روسيا في الخارجية الأمريكية آنذاك بتوزيع العصائر والوجبات الغذائية على المتظاهرين ضد يانكوفيتش الذي قام بالتوقيع على اتفاق استراتيجي مع روسيا، وهو ما دفع المؤيدين للانضمام للاتحاد الأوروبي إلى التظاهر ضده، ومع تزايد التظاهرات أوصت فيكتوريا نولاند، التي تتحدث الروسية بطلاقة وقضت 30 عاماً في متابعة الجمهوريات السوفييتية، بتنحية يانكوفيتش، وهو ما قام به البرلمان الأوكراني، لكن ترتب على هذه الخطوة أكبر هزيمة للولايات المتحدة في أوكرانيا عندما دخلت القوات الروسية شبه جزيرة القرم، كما اندلعت الحرب الأهلية في أجزاء أخرى من أوكرانيا في إقليمي دونباسك ولوغانسك، الأمر الذي دفع نولاند إلى صياغة أقسى العقوبات على موسكو، وهي العقوبات التي ما زالت مستمرة حتى الآن.

وبعد 4 سنوات من الغياب في حقبة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أعاد الرئيس الأمريكي جو بايدن فيكتوريا نولاند مرة جديدة إلى الخارجية الأمريكية، وطالبت نولاند بايدن والدول الأوروبية بزيادة العقوبات على موسكو، ودافعت بقوة عن موقف الإدارة الجديدة الداعي لوقف بناء خط «نورد ستريم 2» الذي ينقل الغاز من روسيا إلى ألمانيا، كما طالبت بالتشدد مع الكرملين في أي مفاوضات مقبلة تتعلق بوقف سباق التسلح بين بلادها وروسيا، ويمكن وصف تعيين نولاند كمسؤولة عن الملف الروسي في إدارة بايدن بأنه «نسف كامل» لأي آمال بتحسين العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة، فرؤية نولاند التي قدمتها للإدارة الجديدة تقوم على رفض أي محاولة للانفتاح على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بل وتدعو إلى خطوات تصعيدية منها ضرورة نشر الصواريخ الأمريكية القصيرة والمتوسطة المدى والتي تحمل رؤوساً نووية في أوروبا، والتوسع في تخزين القنابل النووية من طراز «بي 61» التي قام ترامب بنشر 150 قنبلة منها في 6 دول أوروبية، كما ترفض نولاند تجديد اتفاقية «ستارت 3» بالشروط ذاتها التي كانت عليها العام 2011.

موقف حازم

وتوصي بموقف أمريكي حازم ضد روسيا في القطب الشمالي، وضرورة تعزيز الوجود الأمريكي قرب الحدود الروسية خصوصاً في منطقة شرق أوروبا وجنوب القوقاز، لكن ربما أكثر ما توصي به نولاند ويشكل تصعيداً في العلاقة مع موسكو هو تأييدها لمزيد من الدعم العسكري الأمريكي والغربي لأوكرانيا، ولا تمانع نولاند في تقديم أي دعم للتتاريين في شبه جزيرة القرم لإحداث قلاقل للوجود الروسي هناك، وتدعو بالتوازي مع كل ذلك لتكثيف الطلعات الجوية قرب الحدود الروسية خصوصاً في البحر الأسود وشرق بحر البلطيق، وهو ما قد يؤدي لـ«الحرب الخاطفة» التي يخشاها الكثيرون.

 

الأكثر مشاركة