دور الأسرة في تحصين الأبناء

ت + ت - الحجم الطبيعي

الأسرة هي اللبنة الأولى في صناعة وتكوين شخصية الفرد، والمحافظة على سلامة فطرته وأخلاقياته وسلوكياته منذ نشأته، كما أن شريعتنا السمحة اعتنت أيما عناية بالأسرة، لما لها من أدوار أساسية، ومهمة في بناء الإنسان، ولأنها الركيزة الأساسية في تحصينهم من الانحرافات سواء الفكرية والأخلاقية والسلوكية، ويبدأ تكوين الأسرة باختيار شريكة الحياة المناسبة لهذا الدور المتمثل ببناء كيان أسري ذي قواعد راسخة، مستنداً إلى القيم العالية.

ومع التطورات التكنولوجية الهائلة والانفتاح المعرفي الواسع على العالم بأسره، الذي أتاحته المواقع عبر الشبكة العنكبوتية، وبرامج التواصل الاجتماعي، والتي أسهمت في انتشار الثقافات والمعلومات المختلفة، والمتنوعة بشقيها الإيجابي والسلبي، يعظم دور الأسرة نحو توجيه الأبناء وحمايتهم من الأخطار، التي قد تؤثر سلباً على أفكارهم أو تلوث عقولهم، من خلال غرس القيم الرصينة، وتأصيل المبادئ القويمة في نفوسهم، لكي تتقوى الحصانة الذاتية لديهم، ليتمكنوا من التمييز بين الصالح والطالح، وبين النافع والضار، وبين الذي يبني ويهدم.

ومن الأخطار التي تحيط بالأبناء كذلك إدمان الألعاب الإلكترونية والمتصلة عبر شبكات الإنترنت «أونلاين» لا سيما الألعاب التي تحتوي على العنف وخدش الحياء، هذه الألعاب تؤثر على أفكار وسلوك وأخلاق الأبناء، والتي تعد من الأخطار الجسيمة، التي يتعرض لها الأبناء بشكل مستمر بحكم استخدامها بشكل يومي، وقد يغفل بعض الآباء عن هذه الجزئية، لذا يتوجب على الآباء والأمهات المتابعة الحثيثة للأبناء، وتوجيههم باستمرار، ووضع الضوابط لهذه الألعاب حتى لا تحدث نتائج «لا تحمد عقباها»، من خلال إيجاد حلول بديلة لهذه الألعاب وتوجيه طاقاتهم نحو القراءة والمعرفة، التي بدورها تنمي وتنير العقل لا سيما في مرحلة الطفولة والشباب، والأبناء أمانة في أعناق الآباء والأمهات، لقول النبي ﷺ: «أَلا كُلُّكُمْ راعٍ، وكُلُّكُمْ مَسْؤُول عن رَعِيَّتِهِ».

وعلى الأسرة مضاعفة الجهود، ولها أدوار لابد من القيام بها نحو تحصين الأبناء من الأفكار الضالة والتوجهات المنحرفة، لأن أغلب ما يتعرض له الشاب في مرحلة شبابه هما أمران: إما يتعرض للشبهات في دينه، وإما أن يتعرض للشهوات في دنياه، وعلاج الأمرين في تعلم العقيدة الصافية الخالية من الشوائب والأسقام والأفكار المنحرفة، التي تجرف الشباب نحو الهاوية، وغرس القيم الأخلاقية والسلوكية السوية في قلوبهم وعقولهم منذ نشأتهم، لينشأوا قادرين على مواجهة التحديات الفكرية والمخاطر العقدية.

وللأسرة أدوار علاجية كذلك، من خلال ما تجده من الأبناء سواء من مؤثرات عقلية أو شبهات فكرية أو في الجوانب الأخلاقية والسلوكية، والعلاج هنا يكون بحكمة، وبما يتناسب مع حال المنصوح، حتى وإن اضطر الأمر لإبلاغ جهات الاختصاص للأخذ على يده، ولا مانع من ذلك حفاظاً على نفسه وأسرته ومجتمعه، ولدينا في دولتنا المباركة دولة الإمارات العربية المتحدة المؤسسات المعنية بالمناصحة والتوجيه، والأخذ على يد المنحرفين مثل المركز الوطني للمناصحة، وغيره من المؤسسات المعنية بذلك، وأهم ما ينبغي على الأسرة غرسه في الأبناء ؛ تقوى الله في السر والعلن.

حفظ الله شبابنا وفتياتنا من الأفكار المنحرفة، والسلوكيات المشينة، والأخلاق الرديئة، وجعلهم نافعين لأسرهم ومجتمعهم ووطنهم وقيادتهم.

Email