حياتنا بين المعرفة والابتكار

ت + ت - الحجم الطبيعي

الابتكار كلمة صغيرة بحجمها، كبيرة بمحتواها ومخرجاتها، حيث تعني المقدرة على تطوير فكرة أو عمل أو تصميم أو أسلوب وتقديمه بطريقة أفضل، ولكي يكون الشخص مبتكراً فعليه أنْ يكون صاحب مبادرة وريادة، ولديه الدافعية للإنجاز، والشعور بالمسؤولية، وأن يكون تفكيره إيجابياً، ويتميز بالإصرار والمثابرة والطموح والهمة العالية.

أما الاختراع فهو إيجاد الجديد الذي لم يُسبق إليه من الفكرة أو التصميم أو الأسلوب، ولكنْ هل تساءلت يوماً ماذا قدمت المعرفة والاختراعات للبشرية؟ كيف أسهم العلم في جعل حياتنا مختلفةً؟ وكيف جعل البحث والتقصي والمحاولة والابتكار حياتنا أفضل؟ إذن فلنبحر برحلةٍ معرفية ممتعة عبر الزمن، وبنظرة فاحصة لأهم ما أنتجه المخترعون من آلاتٍ غيرت مجرى التاريخ، ومنها:

- السفن: كان للسفن الأثر الكبير في الربط بين الشعوب والقارات، وما نتج عنها من ازدهار التجارة والبيع والشراء والنقل وتنفيذ الأغراض العسكرية والعلمية، واختراع السفن من أقدم الاختراعات إذ لا يعرف بالتحديد متى استعمل الإنسان السفن، وما هو متعارف عليه لدينا نحن المسلمين كما ورد في القرآن الكريم أنّ نبي الله نوحاً عليه السلام قد صنع السفينة... وقد دلّت الاكتشافات الأثرية أن المصريين استعملوا القوارب والسفن منذ حوالي ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد.

- النقود: ظهرت النقود لأول مرة منذ سبعمائة إلى خمسمائة عام قبل الميلاد، ويذهب بعض العلماء إلى أنّ الليديين في آسيا الصغرى في عهد الملك كروزوس هم أول من صكّ النقود من المعادن المختلفة كالذهب والفضة والأحجار الكريمة، ثم وصلت إلى جزيرة العرب ومنها انطلقت نحو العالم.

- النقود الورقية: اخترع الصينيون النقود الورقية عام 960 ميلادية، لتنتشر في باقي دول العالم فيما بعد.

- الأدوات الملاحية ومنها البوصلة: تُعدّ البوصلة من الآلات الأولية لتحديد الاتجاه في أثناء المِلاحة. وهي تعمل على الحقل المغناطيسي وتحدد جهة الشمال للأرض، وكان الإغريق والصينيون قد عرفوا هذه الخاصية المغناطيسية، واستفاد المسلمون العرب من هذه الخاصية في صنع أول بوصلة مائية؛ وذلك بحكِّ الإبرة بالمغناطيس ثم وضعها على عودين صغيرين من الخشب فوق الماء في إناء حيث تطفو الإبرة وتتجهُ محددةً جهة الشمال فيقيسون عليه بقية الاتجاهات.

- الساعة: كان اهتمام الإنسان بحساب الوقت منذ فجر التاريخ، وكان الناس يقيسون الوقت بارتفاع الشمس وبحركة الظل، وحركة النجوم... وكان يتعذر على الإنسان في بعض الأحيان معرفة الوقت، إما لسوء الطقس أو ضعف الرؤية ومن هنا كان لابد من وجود آلةٍ لقياس الوقت فاخترع الإنسان الساعة، وغدت من أهم الاختراعات لضبط الأوقات ومعرفة حركة الزمن، ويُعتقَد أنّ أول من استخدم الساعة هم المصريون القدماء، وتطورت الساعات من الشمسية إلى المائية والرملية حتى وصلنا إلى ساعة اليد، والساعة الذرية، التي تُعد أدقّ ساعةٍ تم اختراعها؛ بحيث يصل معدل الخطأ فيها لبضع ثوانٍ في كل ألف عام.

- الكهرباء: ولأهمية هذه الاختراعات الرائعة بلا شك نحن بحاجة لضوء لنبصر هذه الإنجازات فتجرني الذاكرة حينها للحديث عن الكهرباء، فمن مِنّا لا يعرف فضل الكهرباء على البشرية، فالكهرباء عبارة عن طاقة موجودة في جسيمات الإلكترونات والبروتونات وتتكون من شحنتين موجبة وسالبة تم اكتشافها منذ وقت طويل حيث لاحظها الناس في البرق وفي سمك الرعاش، مثل تلك الطاقة، وفي عام 1600 قام الطبيب الإنجليزي وليام جيلبرت بدراسة دقيقة حول الكهرباء مهدت الطريق أمام العلماء الآخرين.

- الهاتف: والمتمعن في حياتنا اليوم يعرف أنّ من أكثر الأشياء التي نستخدمها في حياتنا اليومية بدون منازعٍ هو الهاتف، ومن منا يستطيع أن يستغنيَ يوماً واحداً عن الهاتف، إنّ التخلي عنه غدا أمراً بالغَ الصعوبة أليس كذلك؟ كان المشهور أنّ اختراع أول هاتف كان على يد أليكسندر غراهام بيل عام 1876م وظل الأمر كذلك حتى عام 2002م عندما اعترفَ الكونجرس الأمريكي رسمياً أنّ المخترع الحقيقي للهاتف هو الإيطالي أنطونيو ميوتشي فلورنسا وذلك بعد مرور 113 عاماً على وفاته، وقد تطور الهاتف فحمل معه اليوم عدداً هائلاً من الأجهزة والتطبيقات وأصبح يقدِّم حزمةً هائلة من المعلومات للمستخدم يومياً.

هنا تتوقف رحلتنا الشيقة مع هذه الاختراعات التي غيرتْ مجرى حياة البشر عبر الزمن مستحضرين بذلك مقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، عن الابتكار حيث قال: «الابتكارُ اليومَ ليس خـياراً بل ضرورة، وليس ثقافةً عامة، بل أسلوب عمل».

Email