العراق ومعضلة استرجاع الوطن

ت + ت - الحجم الطبيعي

مثل الحراك العراقي محطة أساسية في تكوين الوعي الوطني الحريص على استقلال العراق واسترجاع الوطن من تدخلات إيران وأمريكا وضمان استقلالية القرار العراقي، وأعطت حكومة مصطفى الكاظمي إشارات توحي برسم منحى جديداً في التوجه والأداء، يختلف عما درجت عليه الحكومات السابقة بالسعي لانتشال العراق من الوصاية الخارجية ومكافحة الفساد المستشري كالسرطان في جسد الدولة والمجتمع، وبمحاسبة تماسيحه قبل صغاره، لكن للأسف لا تزال خطواتها مكبلة بالنظر لسعي قوى سياسية إلى عرقلة أية إجراءات سليمة تصب لصالح غالبية أبناء الشعب، والدليل على ذلك ما حدث مؤخراً من إطلاق سراح عناصر حزب الله رغماً عن الحكومة بالرغم من أنها متهمة بالإرهاب.

تواصل القوى المتنفذة صراعاتها من أجل الحفاظ على مصالحها ونفوذها، لتكريس المحاصصة بتنوعها وتفرعاتها العديدة، ومنح صك على بياض للتدخلات الأجنبية الفاضحة في شؤون العراق، غير عابئة بالتداعيات الخطيرة لمواقفها على الشعب ومستقبله.

يتوجب على العراقيين مساعدة الحكومة والعمل جدياً على وضع حد لتجاوز القانون والعمل خارج منظومة الدولة الرسمية، في سياق تهيئة مستلزمات التطبيق الفعلي لشعار حصر السلاح بيد الدولة، وإنهاء أي وجود للتشكيلات الميليشياوية على اختلاف تسمياتها وعناوينها، وتأكيد أن كل مسعى للالتفاف على هذا المطلب الواضح لن يحل الأزمة، بل سيفاقمها.

التدخلات الخارجية في العراق أدخلته في نفق شديد الظلام دون أن يلوح في نهايته بصيص ضوء، فمعاناة الشعب العراقي تزداد يوماً بعد يوم، ومعها يزداد وعيه وإدراكه لأسباب شقائه وبؤسه ومن يعمل على إدامته، فرفع سطوة الفصائل المسلحة والمتمردة على الدولة وإنهاء السلطات الموازية، والسير على طريق تفكيك عصابات القوى التي تدعم الخارج سيضمن صيانة القرار الوطني العراقي المستقل.

الواضح أن التغيير المطلوب لن يتحقق إلا بتغيير موازين القوى السياسية لصالح أصحاب المشروع الوطني. فنجاح حكومة الكاظمي، مرهون أساساً بمدى قدرتها على المضي في عملية الإصلاحات العميقة والتغيير، ومواجهة الضغوطات بنفس عميق.

Email