الإمارات والتفاؤل بالمستقبل الزاهر

ت + ت - الحجم الطبيعي

في الوقت الذي ترنّحت فيه كبرى الدول أمام جائحة وباء كورونا «كوفيد 19»، وأوشك بعضها على الاستسلام أمام هذا الزحف المهول لهذا الفيروس المُتخفّي الخطير، وفي الوقت الذي تتسابق فيه دولٌ أخرى للمواجهة الحاسمة لهذا الوباء الشامل، كانت دولة الإمارات العربية المتحدة تقدّم نموذجاً إنسانياً وحضارياً في التعامل العلمي والأخلاقي مع هذا الوباء الخطير، وتثبت للعالم أنها دولة بحجم التحديات، وأنّ القيادة والشعب في خندق واحد لحماية الوطن وصيانة منجزاته ومقدراته، وتقديم النموذج الإنساني الأرقى في التعامل مع هذا الظرف الوبائي الاستثنائي الذي تشير الدلائل إلى اقتراب ميعاد العافية منه في هذا الوطن الغالي الذي يسهر على خدمته وحماية أبنائه كوكبة من الرجال المنذورين للوطن وفي طليعتهم أصحاب السموّ قادة هذا الوطن الطيب المعطاء.

في واحد من أروع التصريحات المبشّرة بالمستقبل الزاهر، وعلى المعهود من سياسته ورؤيته الثاقبة للأحداث جزم صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبيّ، رعاه الله، بأنّ هذه التحديات الصعبة التي مرّ بها الوطن ستصبح فرصاً حقيقية للتقدم والإبداع والإنجاز، وبنبرة واثقة كل الثقة بالمستقبل قال صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: «نحن نجتهد في الأوقات الحرجة، ونعمل بكلّ جِدٍّ، ستصبح التحديات فرصاً».

ثم يتابع سموّه هذا التصريح المتفائل بمقطع قصير باللغة الإنجليزية يقول فيه: «إنّ الأسوأ قد مرّ فعلاً، ونحن نتطلع إلى مرحلةٍ جديدة من النموّ، ويجب علينا أن نكون مستعدين لتلك المرحلة، وأن نقتنص الفرصة». لتكون العبارة الأخيرة عبارة «اقتناص الفرصة» تعبيراً صادقاً عن جوهر فكر صاحب السموّ الذي عاش عمره السعيد الميمون فارساً مقداماً جسوراً يرود الصحارى ويقتنص أروع الصيود ببساطة الحس البدوي الأصيل وفروسية الشجعان، لتظل فكرة اقتناص الأشياء الثمينة هي الفكرة الأعمق في فكر سموّه ورؤيته للحياة، فهو لا يعرف النكوص ولا التراجع بل يمضي جسوراً شجاعاً يواجه الصعاب متسلحاً بالعزيمة والصبر ولسان حاله ينشد مع أبي الطيب المتنبي حين يقول:

أُطاعنُ خيلاً من فوارسها الدهرُ

              وحيداً، وما قولي كذا ومعي الصبر

وفي لحظات الضيق والكوارث تكون القيادة هي المسؤولة عن بثّ روح الأمل ونشر ثقافة المقاومة والصمود في وجه التحديات ليظل الوطن في عافية الروح والقلب، فالأوطان تشيخ وتهرم بضعف عزيمة أبنائها، ونحن بحمد الله في هذا الوطن الغالي ننعم بقيادة متمرسة بمواجهة الصعاب وإذكاء روح العزيمة والصبر والسير الواثق في طريق المجد والإنجاز.

وتأكيداً على معنى التلاحم بين رجال القيادة في الوطن يؤكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الدور الريادي للإمارات في مواجهة هذا الوباء المستطير، ويؤكد ثقته بالإنسان الإماراتي الذي قدّم أفضل إمكاناته العقلية ومهاراته الطبية ومواقفه الإنسانية حين أظهر هذا القدر من التحلي بالشجاعة، شجاعة المواجهة والسهر على تطوير العلاج والاندفاع بالإمارات كي تكون في مكانتها الحضارية اللائقة بها، فهذا الوطن يعي معنى الاستثمار الناجح بالإنسان، وهو ما عبّر عنه صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد بقوله: «ما يجعل الاختلاف والفوارق بين الدول في المواجهة هو قدراتُ أبنائها وكوادرها البشرية التي تضعها في المقدمة، وهو ما جعل دولة الإمارات العربية المتحدة ضمن أفضل عشر دول في التصدي لهذا الوباء». ليحمل هذا التصريح مزيداً من ملامح البشرى بأن تكون دولة الإمارات العربية المتحدة من أوائل الدول للتخلص من هذا الوباء الذي أقضى مضاجع البشرية واستنزف الكثير من مقدراتها، وعطل المصالح وأعاد الإنسان إلى المربع الأول للبحث عن طوق النجاة في هذا البحر المتلاطم الأمواج الذي تسير فيه السفن بخوفٍ وترقُّبٍ ووجَل.

وفي موقف أكثر خصوصية في الإشادة بالإنسان الإماراتي الذي يواجه الظروف ببسالة وشجاعة أكد سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، وليّ عهد دبيّ، رئيس المجلس التنفيذي، اعتزازه بالجهود المتميزة التي تبذلها كوادرنا الطبية في المواجهة كخطّ أول من خطوط الدفاع عن الوطن حيث عبّر سموه عن هذا الموقف بقوله: «فخورٌ بالجهود الإماراتية في مؤسسة دبيّ للمستقبل في التعاطي مع «كوفيد 19» من خلال صناعة أول جهاز تنفس اصطناعي بأيدي أبناء الإمارات. نتطلع لرؤية مزيد من الابتكارات الوطنية في المرحلة المقبلة» لتكون هذه الكلمة من سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد تعبيراً صادقاً عن المتابعة الحثيثة للجهود المبذولة من كوادرنا الطبية الساهرة بنشاط وانتماء صادق على تطوير أفضل الإمكانات العلمية لمواجهة هذا الوباء الخطير، حيث بدأت الجهود مبكرة جداً في هذا السياق الطبي فقد كشفت الدكتورة فريدة الحوسني المتحدث الرسمي عن القطاع الصحي منذ مدة طويلة عن طبيعة هذه الجهود الحثيثة في توفير العلاج حيث أثبتت بعض الدراسات فاعلية بعض الأدوية في مواجهة هذا الوباء الخطير.

ولم يقتصر دور دولة الإمارات العربية المتحدة على الجهود الطبية البحثية للمواجهة بل سارعت الدولة مشكورة إلى محاصرة الوباء وتقديم أرقى الأساليب الحديثة في الفحص الطبي للتأكد من خلو المجتمع من هذا الوباء المستفحل عالمياً، فضلاً عن حزمة من الإجراءات الوقائية التي كان لها أكبر الأثر في محاصرة الوباء والتخطيط للخروج من معركته بأقل الخسائر.

وتتويجاً للأصالة الأخلاقية والروحية لهذا الوطن الطيب المعطاء أسهمت دولة الإمارات العربية المتحدة وبسخاء نادر في دعم كثير من الشعوب التي تحتاج إلى الرعاية والمستلزمات الطبية، يدفعها إلى ذلك هاجس أخلاقي لا يميز بين الشعوب بل ينطلق من هموم الإنسان وشعوره بأوجاع أخيه الإنسان في ظل هذه الظروف الصعبة التي تحتاج إلى النبل الأخلاقي والذكاء العقلي والمواجهة الشجاعة لهذا الوباء الشامل الخطير.

دمتَ بخير أيها الوطن. وغداً ستعود إليك الحياة، وسنكون أكثر حكمة وبصيرة في النظر إلى الأمام والاستعداد لقادمات الأيام.

Email